أبو منصور: ومنهم من جعل رشد يرشد ورشد يرشد بمعنى واحد في الغي والضلال. والإرشاد: الهداية والدلالة. والرشدى: من الرشد، وأنشد الأحمر:
لا نزل كذا أبدا، ناعمين في الرشدى ومثله: امرأة غيرى من الغيرة وحيرى من التحير. وقوله تعالى:
يا قوم إتبعون أهدكم سبيل الرشاد، أي أهدكم سبيل القصد سبيل الله وأخرجكم عن سبيل فرعون. والمراشد: المقاصد، قال أسامة بن حبيب الهذلي: توق أبا سهم، ومن لم يكن له من الله واق، لم تصبه المراشد وليس له واحد إنما هو من باب محاسن وملامح. والمراشد: مقاصد الطرق. والطريق الأرشد نحو الأقصد. وهو لرشدة، وقد يفتح، وهو نقيض زنية. وفي الحديث: من ادعى ولدا لغير رشدة فلا يرث ولا يورث.
يقال: هذا وعلى رشدة إذا كان لنكاح صحيح، كما يقال في ضده: ولد زنية، بالكسر فيهما، ويقال بالفتح وهو أفصح اللغتين، الفراء في كتاب المصادر: ولد فلان لغير رشدة، وولد لغية ولزنية، كلها بالفتح، وقال الكسائي: يجوز لرشدة ولزنية، قال: وهو اختيار ثعلب في كتاب الفصيح، فأما غية، فهو بالفتح. قال أبو زيد: قالوا هو لرشدة ولزنية، بفتح الراء والزاي منهما، ونحو ذلك، قال الليث وأنشد:
لذي غية من أمه ولرشدة، فيغلبها فحل على النسل منجب ويقال: يا رشدين بمعنى يا راشد، وقال ذو الرمة:
وكائن ترى من رشدة في كريهة، ومن غية يلقى عليه الشراشر يقول: كم رشد لقيته فيما تكرهه وكم غي فيما تحبه وتهواه.
وبنو رشدان: بطن من العرب كانوا يسمون بني غيان فأسماهم سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بني رشدان، ورواه قوم بنو رشدان، بكسر الراء، وقال لرجل: ما اسمك؟ فقال: غيان، فقال: بل رشدان، وإنما قال النبي، صلى الله عليه وسلم، رشدان على هذه الصيغة ليحاكي به غيان، قال ابن سيده: وهذا واسع كثير في كلام العرب يحافظون عليه ويدعون غيره إليه، أعني أنهم قد يؤثرون المحاكاة والمناسبة بين الألفاط تاركين لطريق القياس، كقوله، صلى الله عليه وسلم: ارجعن مأزورات غير مأجورات، وكقولهم: عيناء حوراء من الحور العين، وإنما هو الحور فآثروا قلب الواو ياء في الحور اتباعا للعين، وكذلك قولهم: إني لآتيه بالغدايا والعشايا، جمعوا الغداة على غدايا اتباعا للعشايا، ولولا ذلك لم يجز تكسير فعلة على فعائل، ولا تلتفتن إلى ما حكاه ابن الأعرابي من أن الغدايا جمع غدية فإنه لم يقله أحد غيره، إنما الغدايا اتباع كما حكاه جميع أهل اللغة، فإذا كانوا قد يفعلون مثل ذلك محتشمين من كسر القياس، فأن يفعلوه فيما لا يكسر القياس أسوغ، ألا تراهم يقولون: رأيت زيدا، فيقال: من زيدا؟ ومررت بزيد، فيقال: من زيد؟ ولا عذر في ذلك إلا محاكاة اللفظ، ونظير مقابلة غيان برشدان ليوفق بني الصيغتين استجازتهم تعليق فعل على فاعل لا يليق به ذلك الفعل، لتقدم تعليق فعل على فاعل يليق به ذلك الفعل، وكل ذلك على سبيل المحاكاة، كقوله تعالى: إنما نحن مستهزئون، الله يستهزئ بهم،