وإما ألا يتوغل في حذف فعلها، بل يكون فعلها مقدرا قبلها، لينصبها، كالمصادر المذكورة ههنا، وهذه المصادر كأنها قائمة مقام الفعل كالمصادر الأولى من حيث لم تستعمل أفعالها قبلها، لكنها ليست قائمة مقام أفعالها، إذ لو قامت مقامها لم تقدر قبلها فلم تكن تنتصب، فبانتصابها عرفنا أن الفعل مقدر قبلها، وببناء الأولى عرفنا قيامها مقام أفعالها.
وقد يجوز في بعض المصادر أن يستعمل الاستعمالين، أعني يكون مصدرا واسم فعل، نحو: رويد زيد، ورويد زيدا، وبله زيد وبله زيدا.
ويجوز أن يكون " حاشي " من هذا الباب، فيكون حاشى زيد، مصدرا مضافا، كرويد زيد، بدليل القراءة الشاذة " حاشا لله " منونا، ويكون: حاشى لزيد اسم فعل مستعملا استعمال المصادر، كما ذكرنا في هيهات لزيد.
ومن جملة المصادر القياسية المضبوطة بالضابط المذكور: مصادر لم توضع أفعالها، نحو: دفرا له أي نتنا، وبهرا أي تعسا، أما بهرا بمعنى غلبة، فله فعل مستعمل، فهما مثل القهقرى والقرفصاء، أعني أن جميعها مصادر لا فعل لها على مذهب سيبويه، إلا أن الفرق بينها، أن دفرا، وبهرا، لم يستعمل ناصبهما وبينا بحرف جر، بخلاف: نحو:
القرفصاء فإنه استعمل ناصبه من غير لفظه، والناصب المقدر لدفرا وبهرا، أيضا فعل من غير لفظهما، والتقدير: أنتنت دفرا وتعست بهرا.
ومنها أسماء أعيان هي آلة مقامة مقام المصادر، نحو: تربا لك وجندلا، أي رميت رميا بترب وجندل، فهذا مثل: ضربته سوطا، والفرق بينهما مثل الفرق بين بهرا والقهقرى.
ومنها صفات قائمة مقام المصدر، نحو هنيئا لك، أي هناءة، وعائذا بك أي عياذا وهي مثل: قم قائما اي قياما،، وتعال جائيا، والفرق بينهما ما ذكرنا في القسمين المذكورين وقد قيل في هذا القسم إنه نصب على الحال المؤكدة، كما قيل في: قم قائما.
ومنها أسماء أصوات قامت مقام المصادر، كآها منك، أي توجعا، وواها لك أي طيبا، وأفا، وأفة لك أي كراهة، فيقدر لجميعها أفعال بمعناها ويلزم إضمار ناصب