لبيك وسعديك ودواليك وهذا ذيك وهجاجيك، فبقي المصدر مبهما لا يدرى ما تعلق به من فاعل أو مفعول، فذكر ما هو مقصود المتكلم من أحدهما بعد المصدر، ليختص به، فلما بينتهما بعد المصدر بالإضافة أو بحرف الجر، قبح اظهار الفعل، بل لم يجز، فلا يقال:
كتب كتاب الله ووعد وعد الله، واضربوا ضرب الرقاب، وأسبح سبحان الله وأحمد حمدا لك، وغفر الله غفرا لك، وذلك لما ذكرنا من أن حق الفاعل والمفعول أن يتصلا بالفعل معمولين له، فلما حذف الفعل لاحد الدواعي المذكورة، وبين المصدر المبهم إما بالإضافة أو بحرف الجر، فلو ظهر الفعل، رجع الفاعل أو المفعول إلى مكانه ومركزه بعد الفعل متصلا بالفعل ومعمولا له فوزانه (1) وزان نحو قوله تعالى: " إن امرؤ هلك " (2).
وأما قولهم: حردت حرده، وحمدت حمده، وقصدت قصده ونحوت نحوه، ونحو ذلك، فليس انتصاب الأسماء في ذلك على المصدر، بل هو مفعول به، على جعل المصدر بمعنى المفعول، كقوله:
82 - دار لسعدى اذه من هواكا (3) والمعنى: قصدت به جهته التي ينبغي أن يقصدها من يطلبه، ويجوز أن يكون المعنى:
حردته حرده الذي يليق به، وحمدته حمده الذي ينبغي، فيكون مضافا لبيان النوع، كما في قوله: " وقد مكروا مكرهم " (4)، و " وفعلت فعلتك " (5)، وقوله تعالى " وسعى لها سعيها " (6).
والجار والمجرور بعد هذه المصادر في محل الرفع على أنه خبر المبتدا الواجب حذفه، ليلي الفاعل أو المفعول، المصدر الذي صار بعد حذف الفعل كأنه قائم مقام الفعل، كما