وهي قليلة، واختارها الكسائي، وأبو زيد، وعيسى بن عمر، ولا خلاف في النصب أنه جواري وأنه غير منصرف.
ثم اختلفوا في كون جوار، رفعا وجرا، منصرفا أو غير منصرف.
فقال الزجاج (1): ان تنوينه للصرف، وذلك أن الاعلال مقدم على منع الصرف لان الاعلال سبب قوي، وهو الاستثقال الظاهر المحسوس في الكلمة، وأما منع الصرف فسببه ضعيف، إذ هو مشابهة غير ظاهرة بين الاسم والفعل، على ما تبين قبل، قالوا (2):
فسقط الاسم بعد الاعلال عن وزان (3) أقصى الجموع الذي هو الشرط، فصار منصرفا.
والاعتراض عليه أن الياء الساقط في حكم الثابت بدليل كسرة الراء في: جاءتني جوار، وكسر الراء حكم لفظي كالمنع من الصرف، فاعتبار أحدهما دون الاخر تحكم، وكل ما حذف لاعلال موجب فهو بمنزلة الباقي، كعم وشج، والا كان كالمعدوم، كيد ودم، ومن ثم صرف جندل، وذلذل (4)، مقصوري جنادل وذلاذل.
وقال المبرد: التنوين عوض من حركة الياء، ومنع الصرف مقدم على الاعلال، وأصله: جواري بالتنوين ثم جواري بحذفها، ثم جواري بحذف الحركة ثم جوار، بتعويض التنوين من الحركة، ليخف الثقل بحذف الياء للساكنين.
وقال سيبويه (5)، والخليل: ان التنوين عوض من الياء، ففسر بعضهم هذا القول بان منع الصرف مقدم على الاعلال، فأصله: جواري بالتنوين، ثم جواري بحذفها ثم جواري بحذف الحركة للاستثقال ثم جوار بحذف الياء، لاستثقال الياء المكسور ما قبلها في غير المنصرف الثقيل بسبب الفرعية، وانما أبدل التنوين من الياء ليقطع التنوين الحاصل طمع الياء الساقطة في الرجوع، إذ يلزم اجتماع الساكنين لو رجعت.