والاعتراض عليه وعلى مذهب المبرد: أنه لو كان منع الصرف مقدما على الاعلال، لوجب الفتح في قولك: مررت بجواري، كما في اللغة القليلة، الخبيثة، وذلك لان منع الصرف يقتضي شيئين: حذف التنوين وتبعية الكسر له في السقوط وصيرورته فتحا، وأيضا يلزم أن يقال: جاء الجوار ومررت بالجوار عند سيبويه بحذف الياء، لان الكلمة لا تخف بالألف واللام، وثقل الفرعية باق معهما.
وفسر السيرافي (1)، وهو الحق، قول سيبويه بان أصله جواري بالتنوين والاعلال مقدم على منع الصرف لما ذكرنا فحذف الياء لالتقاء الساكنين، ثم وجد بعد الاعلال صيغة الجمع الأقصى حاصلة تقديرا، لان المحذوف للاعلال كالثابت، بخلاف المحذوف نسيا، كما ذكرنا، فحذف تنوين الصرف ثم خافوا رجوع الياء لزوال الساكنين في غير المنصرف المستثقل لفظا بكونه منقوصا، ومعنى بالفرعية، فعوض التنوين من الياء، بخلاف نحو:
أحوى وأشقى، فإنه قدم الاعلال في مثلهما أيضا، ووجد علة منع الصرف بعد الاعلال حاصلة، لان ألف أحوى المنون ثابت تقديرا، فهو على وزن أفعل، فحذف تنوين الصرف، لكن لم يعوض التنوين من الألف المحذوفة ولا من حركة اللام، كما فعل في جوار، لان أحوى، بالألف أخف منه بالتنوين، وأما جوار فهو بالتنوين أخف منه بالياء، والخفة اللفظية مقصودة في غير المنصرف بقدر ما يمكن، تنبيها بذلك على ثقله المعنوي بكونه متصفا بالفرعيتين، ألا ترى أنك تقول: خطايا، وبرايا، وأداوي بلا تنوين اتفاقا، لما انقلبت الياء ألفا في الجمع الأقصى.
وكل غير منصرف منقوص حكمه حكم جوار فيما ذكرنا، ويجئ فيه الخلاف المذكور، نحو قاض اسم امرأة، وأعيل تصغير أعلى.
وإذا جعل هذا النوع أعني جوار وأعيل علما، فيونس يجعل حاله مخالفا لحاله في التنكير، وذلك بأنه يقدم منع الصرف على الاعلال، فتبقى الياء ساكنة في الرفع، ومفتوحة في النصب والجر، نحو جاءتني جواري وقاضي وأعيلي، بياء ساكنة، ورأيت جواري