وقوله لا تنثى فلتأته أي لا يتحدث بهفوة أو زلة إن كانت في مجلسه من بعض القوم يقال نثوت الحديث فأنا أنثوه إذا أذعته والفلتات جمع فلتة وهي هاهنا الزلة والسقطة وكل شئ فعل أو قيل على غير روية وتثبت فقد افتلت وقوله إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير يريد أنهم يسكتون فلا يتحركون ويغضون أبصارهم والطير لا تسقط إلا على ساكن ويقال للرجل إذا كان حليما وقورا أنه لساكن الطائر كأنه لما سكن سكن طائره وليس أن طائرا عليو أحسب قول الهذلي من هذا المعنى بعينه [من الوافر] إذا حلت بنو ليث عكاظا * رأيت على رؤسهم الغرابا يريد أنهم يذلون ويسكتون فكأن على رؤوسهم غرابا لسكونهم وخص الغراب لأنه أحذر الطيور وأبصرها يقال " أحذر من غراب وأبصر من غراب " ومنه يقال طارت عصافير رأسه إذا ذعر أي كأنما كانت على رأسه عصافير عند سكونه فلما ذعر طارت قال العبدي [من السريع] فنخب القلب ومارت به * مور عصافير حشا الموعد ويقال أصل هذا المثل أن سليمان عليه السلام كان يقول للريح " أقلينا وللطير أضلينا " فتقله وأصحابه الريح وتظلهم الطير فكأن أصحابه يغضون أبصارهم هيبة ولا يتكلمون إلا إن سألهم فيجيبوه فقيل للقوم إذا سكنوا كأنما على رؤوسهم الطير وقوله لا يقبل الثناء إلا عن مكافئ يريد أنه كان إذا ابتدئ بمدح كره ذلك وإذا اصطنع معروفا فأثنى عليه به مثن وشكره له قبل ثناءه
(٢١٥)