حديث أنس بن مالك: " كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا أي جد في صدورنا وعظم في عيوننا.
وقوله في صلاة الوتر " وإليك نسعى ونحفد يريد بنحفد نبادر. وأصل الحفد مداركة الخطو والإسراع فيه يقال حفد الحادي وراء الإبل إذا أسرع ودارك خطوه ومنه قيل للعبيد والإماء حفدة لأنهم يسرعون إذا مشوا للخدمة.
وقال الله جل وعز: " وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة " يريد أنهم بنون وهم خدم وقد ذكرت هذا في مواضع أخر. وقوله: " ويخشى عذابك الجد " بكسر الجيم ولا تفتح أي هو الحق لا اللعب ولا العبث أي وأن عذابك بالكفارة ملحق بكسر الحاء ولا تفتح هكذا يروى هذا الحرف يقال: لحقت القوم وألحقتهم بمعنى واحد وملحق في هذا الموضع بمعنى لاحق ومن قال ملحق بفتح الحاء أراد أن الله جل وعز يلحقه إياه وهو معنى صحيح غير أن الرواية هي الأولى ومثل لاحق وملحق تابع ومتبع يقال تبعت القوم وأتبعتهم.
والقنوت: أصله القيام ومنه قول النبي حين سئل عن أفضل الصلاة فقال: " طول القنوت " أي طول القيام وانما قيل للدعاء قنوت لأنه كان يدعى به وهم قيام قبل الركوع أو بعده فسمي باسم القيام على ما بينت من تسمية الشئ باسم غيره إذا كان منه بسبب.
والقنوت يتصرف على وجوه قد ذكرتها في كتاب " المشكل " والوتر الفرد واحدا كان ذلك أو ثلاثة أو خمسة وما فوق ومن أوتر بثلاث لا يفصل بينها بتسليم أو بخمس أو بسبع فهو مصيب على طريق اللغة ومن فصل بينهما بتسليم وأوتر بواحدة فهو مصيب أيضا ألا ترى أنه قال: " إذا استجمرت فأوتر " يريد استنج بثلاثة أحجار ولم يرد استنج بحجر واحد وقال: " اكتحلوا وترا لا يريد به الميل الواحد ويقال الله جل وعز وتر وهو واحد ولما كانت المغرب وتر النهار واختلف الناس في وتر الليل كان أحسن الأشياء أن يشبه بها.