لأسألنك عنها ولا تهتدي إلى الجواب عنها أبدا قال أبي: فسل إنك حانث في قولك.
فقال: أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد وماتا في يوم واحد عمر أحدهما مائة وخمسين سنة والآخر خمسين سنة في الدنيا.
فقال أبي: ذلك عزير وعزرة ولدا في يوم واحد ولما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين عاما مر عزير على حماره بقرية في أنطاكية وهي خاوية على عروشها قال: (أنى يحى هذه الله بعد موتها) (1) وكان الله قد اصطفاه وهداه، فلما قال ذلك، غضب الله عليه وأماته مائة عام، ثم بعثه على طعامه وحماره وشرابه وعاد إلى داره وأخوه عزرة لا يعرفه فاستضافه وبعث إلى أولاده وأحفاده وقد شاخوا وعزير شاب في سن خمس وعشرين وهو يذكر عزرة بنفسه فيقول له ما رأيت شابا أعلم بعزير منك فمن أهل السماء أنت أم من أهل الأرض.
فقال عزير لأخيه أنا عزير سخط الله تعالى على بقول قلته فأماتني مائة سنة، ثم بعثني ليزدادوا بذلك يقينا، إن الله على كل شيء قدير، وهذا حماري وطعامي وشرابي الذي خرجت به من عندكم أعاده لي كما كان بقدرته فأعاشه الله بينهم تمام الخمسين وقبضه الله وأخاه في يوم واحد.
فنهض عند ذلك عالم النصارى وقاموا معه فقال: جئتموني بأعلم مني فأقعدتموه بينكم ليفضحني ويعلم المسلمون بأن لهم من يحيط بعلومنا وعنده ما لا نحيط به فلا، والله لا كلمتكم ولا قعدت لكم إن عشت سنة.
فتفرقوا وأبي قاعد مكانه، ورفع ذلك الرجل الخبر إلى هشام فإذا رسوله بالجائزة والأمر بانصرافنا إلى المدينة من وقتنا، فلا نبقى لأن أهل الشام ماجوا وهاجوا فيما جرى بين أبي وعالم النصارى.