أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا) (1) يعني ورضيت لكم الإسلام دينا، فالأرض ممن يكمل دينه لا تخلو، فكان ذلك علامة هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا.
فلما سمع ذلك انقلبت عينه اليمنى فأحولت واحمر وجهه وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب ثم أطرق هنيهة ورفع رأسه إلى أبي وقال: ألسنا بني عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد؟ فقال أبي: ونحن كذلك ولكن الله جل ثناؤه اختصنا بمكنون سره وخالص علمه ما لم يختص أحدا غيرنا.
فقال: أليس الله بعث محمدا من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة أبيضها وأسودها وأحمرها، فمن أين ورثتم ما ليس لغيركم ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة ومن أين أورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولما أنتم أنبياء؟
فقال أبي: من قوله تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به) (2) فالذي أبداه فهو للناس كافة والذي لم يحرك به لسانه أمر الله تعالى أن يخصنا به دون غيرنا فلذلك كان يناجي به أخاه عليا دون أصحابه وأنزل الله تعالى قرآنا، فقال: (و تعيها أذن واعية) (3) فقال له رسول الله: بين أصحابه سألت الله أن يجعلها أذنك يا على ولذلك قال علي بالكوفة: علمني رسول الله ألف باب من العلم، ينفتح من كل باب ألف باب خصه رسول الله من مكنون علمه ما خصه الله به فصار إلينا وتوارثناه من دون قومنا.
فقال له هشام: إن عليا كان يدعي علم الغيب والله لم يطلع على غيبه أحدا، فكيف ادعى ذلك ومن أين.
فقال أبي: إن الله أنزل على نبيه كتابا بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة في