وفتشت بيته، فلم أجد فيه إلا مصحفا ودعاء وما أشبه ذلك، فأشخصته وتوليت خدمته وأحسنت عشرته.
فبينا أنا [نائم] يوما من الأيام، والسماء صاحية، والشمس طالعة؛ إذ ركب وعليه ممطر، وقد عقد ذنب دابته، فعجبت من فعله، فلم يكن بعد ذلك إلا هنيئة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها، ونالنا من المطر أمر عظيم جدا، فالتفت إلي، وقال:
أنا أعلم إنك أنكرت ما رأيت وتوهمت أنى علمت من الأمر ما لا تعلمه، وليس ذلك كما ظننت، ولكن نشأت بالبادية فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر، فلما أصبحت هبت ريح لا تخلف وشممت منها رائحة المطر، فتأهبت لذلك.
فلما قدمت مدينة السلام بدأت بإسحاق بن (1) أبي إبراهيم الطاهري - وكان على بغداد - فقال لي: يا يحيى، إن هذا الرجل قد ولده رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمتوكل من تعلم، وإن حرضته على قتله كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) خصمك، فقلت: والله ما وقفت له إلا على كل أمر جميل. (2) [446] - 6 - روى الكليني:
عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن محمد بن يحيى، عن صالح بن سعيد قال: دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) فقلت له:
جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع، خان الصعاليك؟
فقال: هيهنا أنت يا ابن سعيد؟ ثم أومأ بيده وقال: أنظر فنظرت، فإذا أنا بروضات آنقات وروضات بأسرات، فيهن خيرات عطرات وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون