وكان الربيع يتشيع، فقال له جعفر (عليه السلام): يا ربيع أنا أعلم ميلك إلينا فدعني أصلى ركعتين وأدعو.
قال: شأنك وما تشاء فصلى ركعتين خففهما ثم دعا بعدهما بدعاء لم أفهمه إلا أنه دعاء طويل والمنصور في ذلك كله يستحث الربيع، فلما فرغ من دعائه على طوله أخذ الربيع بذراعيه فأدخله على المنصور فلما صار في صحن الإيوان وقف ثم حرك شفتيه بشئ ما أدرى ما هو ثم أدخلته، فوقف بين يديه فلما [نظر] إليه قال:
وأنت يا جعفر ما تدع حسدك وبغيك وفسادك على أهل هذا البيت من بني العباس وما يزيدك الله بذلك إلا شدة.
ثم أجابه (عليه السلام) وجرى بينهما كلاما شديدا فانتضى من السيف ذراعا، فقلت: إنا لله مضى الرجل وجعلت في نفسي أن أمرني فيه بأمر أن أعصيه لأنني ظننت أنه يأمرني أن أخذ السيف فاضرب به جعفرا، فقلت: إن أمرني ضربت المنصور وأن أتى ذلك على ولدى وتبت إلى الله عزوجل مما كنت نويت فيه أولا، فأقبل يعاتبه وجعفر يعتذر ثم انتضى السيف كله إلا شيئا يسيرا منه فقلت: إنا لله مضى والله الرجل ثم أغمد السيف وأطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال: أظنك صادقا يا ربيع هات العيبة من موضع كانت فيه في القبة، فأتيته بها.
فقال: أدخل يدك فيها، فكانت مملوءة غالية وضعها في لحيته وكانت بيضاء فاسودت وقال: إحمله على فارهة من دوابي التي أركبها وأعطه عشرة آلاف درهم وشيعه إلى منزله مكرما وخيره إذا أتيت به إلى المنزل بين المقام عندنا، فنكرمه والانصراف إلى مدينة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فخرجنا من عنده وأنا مسرور فرح لسلامة جعفر (عليه السلام) ومتعجب مما أراد المنصور وما صار إليه من أمره.
فلما صرنا في الصحن قلت له: يا بن رسول الله إني لأعجب مما عمد إليه هذا في