يبطله شيء، ولو وجدته وقد تزوج به النساء، وفرق في البلدان لرددته إلى حاله; فإن في العدل سعة، ومن ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق. (1) [538] - 48 - قال الديلمي:
وامتحن - علي (عليه السلام) - بحرب الناكثين والقاسطين والمارقين، كما أخبره النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك. وبيان هذه الحروب على سبيل الاختصار أنه بعد أن آل الأمر إليه (عليه السلام) وبايعه المسلمون، نهض طلحة والزبير ونكثا بيعته وانحازا إلى عائشة واجتمعوا على قتاله وتوجهوا إلى البصرة وانضم إليهم منها خلق كثير وخرجوا ليحاربوه، وخرج علي (عليه السلام) وردعهم فلم يرتدعوا ووعظهم فلم يتعظوا وأصروا على قتاله فقاتلهم حينئذ حتى قتل منهم ستة عشر ألفا وسبعمائة وتسعين وكانوا ثلاثين ألفا، وقتل من أصحابه ألف وسبعون رجلا وكانوا عشرين ألفا، وهذه الوقعة تسمى وقعة الجمل وهي حربه للناكثين، وبعد ذلك اشتغل بوقعة صفين وحربه مع معاوية وهي جهاده القاسطين.
وهذه الحروب من الوقائع العظام التي يكاد أن يضطرب لها فؤاد الجنين ويشيب منها رأس الوليد، وبقى (عليه السلام) يكابد هذه الوقعة ثمانية عشر شهرا، وقتل فيها من الفريقين على أقل الروايات مائة ألف، خمسة وسبعون ألفا من الشام وخمسة وعشرون ألفا من أهل العراق، وفي ليلة الهرير من هذه الوقعة، وهي أشد أوقاتها، قتل من الفريقين ستة وثلاثون ألفا، وقتل (عليه السلام) بمفرده في هذه الليلة خمسمائة و ثلاثة وعشرين فارسا، لأنه كان كلما قتل فارسا أعلن بالتكبير فأحصيت تكبيراته في تلك الليلة فكانت خمسمائة وثلاثا وعشرين تكبيرة بخمسمائة وثلاثة و عشرين فارسا قتيلا، وعرفوا قتلاه نهارا بضرباته التي كانت على وتيرة واحدة: إن ضرب طولا قد، وإن ضرب عرضا قط، وكانت كأنها مكواة.
وفي صبيحة هذه الليلة انتظم أمر أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ولاحت لهم أمارات الظفر ولاحت علامات النصر، وزحف مالك الأشتر حتى ألجأهم إلى معسكرهم ولم