وأنت المستضعفة بعدي فمن آذاك فقد آذاني ومن غاظك فقد غاظني ومن سرك فقد سرني ومن برك فقد برني ومن جفاك فقد جفاني ومن وصلك فقد وصلني ومن قطعك فقد قطعني ومن أنصفك فقد أنصفني ومن ظلمك فقد ظلمني لأنك مني وأنا منك وأنت بضعة مني وروحي التي بين جنبي ثم قال: إلى الله أشكو ظالميك من أمتي. (1) [242] - 8 - وروى مسلم:
أنه لما نزلت هذه الآية: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم... (2)) دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم إن هؤلاء أهلي. (3) وكان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر (4) أو سبعة (5) أو ثمانية (6) أو تسعة أشهر (7) إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل بيت محمد (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
كل ذلك مما أوجب أن يكون فراق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثقيل على فاطمة (عليها السلام) مع ما أحست من ارتداد الناس وعود الجاهلية ومعالمها ونسيانهم مأثر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومأسيه وشدائده، ومن انحراف الأمة عن سياستها الإلهية التي رسمها النبي (صلى الله عليه وآله) وبلغها عن الله تعالى إلى سياسة رجعية قومية عربية، بما أنها أول من أحس الانحراف وقامت تعارضها وتدافع عن الحق. أضف إلى كل هذه ما أصابها من أهل الجفاء والغلظة من قريش، أصحاب البذخ والكبر والحسد وما تحمل منهم من الظلم والاعتداء وأخذ حقها ونحلة أبيها ونقض حريمها.