عليه دعا صعصعة بن صوحان العبدي - وقد كان وجهه إليهم - وزياد بن النضر الحارثي مع عبد الله بن العباس، فقال لصعصعة: بأي القوم رأيتهم أشد إطافة؟
فقال: بيزيد بن قيس الأرحبي.
فركب علي إليهم إلى حروراء، فجعل يتخللهم حتى صار إلى مضرب يزيد بن قيس، فصلى فيه ركعتين، ثم خرج فاتكأ على قوسه، وأقبل على الناس، ثم قال: هذا مقام من فلج فيه فلج يوم القيامة، أنشدكم الله، أعلمتم أحدا منكم كان أكره للحكومة مني؟
قالوا: اللهم لا.
قال: أفعلمتم أنكم أكرهتموني حتى قبلتها؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: فعلام خالفتموني ونابذتموني؟
قالوا: إنا أتينا ذنبا عظيما، فتبنا إلى الله، فتب إلى الله منه واستغفره نعد لك.
فقال علي: إني أستغفر الله من كل ذنب. فرجعوا معه، وهم ستة آلاف. فلما استقروا بالكوفة أشاعوا أن عليا رجع عن التحكيم ورآه ضلالا، وقالوا: إنما ينتظر أمير المؤمنين أن يسمن الكراع، ويجبى المال، فينهض إلى الشام.
فأتى الأشعث بن قيس عليا فقال: يا أمير المؤمنين، إن الناس قد تحدثوا أنك رأيت الحكومة ضلالا، والإقامة عليها كفرا!
فخطب علي الناس فقال: من زعم أني رجعت عن الحكومة فقد كذب، ومن رآها ضلالا فهو أضل. فخرجت الخوارج من المسجد، فحكمت، فقيل لعلي:
إنهم خارجون عليك.