نسخة هذا الكتاب... وفيه بعد الحمد والثناء على رسول الله (صلى الله عليه وآله): وكان ممن عانده ونابذه وكذبه وحاربه من عشيرته العدد الأكثر، والسواد الأعظم، يتلقونه بالتكذيب والتثريب، ويقصدونه بالأذية والتخويف، ويبادونه بالعداوة، وينصبون له المحاربة، ويصدون عنه من قصده، وينالون بالتعذيب من اتبعه.
وأشدهم في ذلك عداوة، وأعظمهم له مخالفة، وأولهم في كل حرب ومناصبة، لا يرفع على الإسلام راية إلا كان صاحبها وقائدها ورئيسها في كل مواطن الحرب من بدر وأحد والخندق والفتح - أبو سفيان بن حرب وأشياعه من بني أمية الملعونين في كتاب الله، ثم الملعونين على لسان رسول الله في عدة مواطن وعدة مواضع، لماضي علم الله فيهم وفي أمرهم ونفاقهم وكفر أحلامهم، فحارب مجاهدا، ودافع مكابدا، وأقام منابذا حتى قهره السيف، وعلا أمر الله وهم كارهون، فتقول بالإسلام غير منطو عليه، وأسر الكفر غير مقلع عنه، فعرفه بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمسلمون، وميز له المؤلفة قلوبهم، فقبله وولده على علم منه.
فمما لعنهم الله به على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، وأنزل به كتابا قوله: ﴿والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا﴾ (١) ولا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بني أمية.
ومنه قول الرسول (عليه السلام) وقد رآه مقبلا على حمار ومعاوية يقود به ويزيد ابنه يسوق به: لعن الله القائد والراكب والسائق....
ومنه ما أنزل الله على نبيه في سورة القدر: ﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ (2)