الزبير بنحو من هذا الكلام.
فاختلف الناس فقال قائلون: نطقا بالحق، وقال آخرون: كذبا ولهما كانا أشد الناس على عثمان!! وارتفعت الأصوات.
وأتي بعائشة على جملها في هودجها فقالت: صه صه (1)، فخطبت بلسان ذلق وصوت جهوري فأسكت (2) لها الناس فقالت: إن عثمان خليفتكم قتل مظلوما بعد أن تاب إلى ربه، وخرج من ذنبه، والله ما بلغ من فعله ما يستحل به دمه؛ فينبغي في الحق أن يؤخذ قتلته فيقتلوا به، ويجعل الأمر شورى. فقال قائلون:
صدقت. وقال آخرون: كذبت حتى تضاربوا بالنعال وتمايزوا، فصاروا فرقتين:
فرقة مع عائشة وأصحابها، وفرقة مع ابن حنيف، وكان على خيل ابن حنيف حكيم بن جبلة، فجعل يحمل ويقول:
خيلي إلي إنها قريش * ليردينها نعيمها والطيش (3) وتأهبوا للقتال، فانتهوا إلى الزابوقة (4)، وأصبح عثمان بن حنيف، فزحف إليهم، فقاتلهم أشد قتال، فكثرت بينهم القتلى، وفشت فيهم الجراح. ثم إن الناس تداعوا إلى الصلح، فكتبوا بينهم كتابا بالموادعة إلى قدوم علي على أن لا يعرض بعضهم لبعض في سوق ولا مشرعة، وأن لعثمان بن حنيف دار الإمارة وبيت المال والمسجد، وأن طلحة والزبير ينزلان ومن معهما حيث شاؤوا، ثم انصرف