والملائكة أعوانه، والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء، ثم أدخله حفرته، وأوصاه بقضاء دينه وعداته وغير ذلك من أموره، كل ذلك من من الله عليه، ثم والله ما دعا إلى نفسه، ولقد تداك الناس عليه تداك الإبل الهيم عند ورودها، فبايعوه طائعين، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه، ولا خلاف أتاه، حسدا له وبغيا عليه.
فعليكم عباد الله بتقوى الله وطاعته، والجد والصبر والاستعانة بالله، والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين، عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته، وألهمنا وإياكم تقواه، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه، وأستغفر الله العظيم لي ولكم. ثم مضى إلى الرحبة (1) فهيأ منزلا لأبيه أمير المؤمنين.
قال جابر: فقلت لتميم: كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه؟ فقال:
ولما سقط عني من قوله أكثر، ولقد حفظت بعض ما سمعت.
قال أبو مخنف: ولما فرغ الحسن بن علي (عليه السلام) من خطبته، قام بعده عمار، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله، ثم قال:
أيها الناس! أخو نبيكم وابن عمه يستنفركم لنصر دين الله، وقد بلاكم الله بحق دينكم وحرمة أمكم، فحق دينكم أوجب وحرمته أعظم.
أيها الناس! عليكم بإمام لا يؤدب، وفقيه لا يعلم، وصاحب بأس لا ينكل، وذي سابقة في الإسلام ليست لأحد، وإنكم لو قد حضرتموه بين لكم أمركم إن شاء الله (2).