بمجرد الدعوى لا يثبت صدقه، بل ولا بمجرد ظهور المعجزة على يده، ما لم ينظم إليه مقدمات:
منها: إن هذا المعجز من عند الله تعالى فعله لغرض التصديق.
ومنها: إن كل من صدق الله تعالى فهو صادق.
لكن العلم بصدقه حيث توقف على هذه المقدمات النظرية لم يكن ضروريا، بل يكون نظريا، فللمكلف أن يقول لا أعرف صدقك إلا بالنظر، والنظر لا أفعله إلا إذا وجب علي وعرفت وجوبه، ووجوبه لا أعرفه إلا بقولك وقولك ليس بحجة قبل العلم بصدقك فتنقطع حجة النبي عليه السلام ولا يبقى له جواب يخلص به.
فتنتفي فائدة بعثة الرسل حيث لا يحصل الانقياد إلى قولهم، ويكون المخالف معذورا} (1).
أو إذا لم نقل بذلك وأوجبنا أن يكون قوله حجة للعلم بصدقه عن طريق اخباره هو يلزم الدور كما هو ظاهر.
ولا يمكن على هذا إثبات شريعة ولا منهاج أصلا.
وليس للشارع المقدس في هذه الأمور إلا الارشاد والتوضيح والتصحيح وبيان الحدود لها، بعد الايمان به بواسطتها.
فعليه يجب على المكلف أن يعرفها بلا تقليد ولا أتباع (2).
ولا فرق بين العامي والفقيه في ذلك أصلا، إلا أن الاختلاف في الايجاز والاطناب ورد الشبهة، وتوضيح الصورة بعد تشوشها عند العالم، وما يأتي من هنا وهناك عليها، إلا أن الايمان بها في الجملة حاصل منها بلا فرق.