ولذا حصر الدسوقي في شرحه لمغني اللبيب ما ورد في القرآن من الاستفهام بالتقرير أو التوبيخ أو الانكار (1).
وهنا الاستفهام ليس للتقرير لأنه لا يريد منهم أن يقروا على شئ كما هو واضح لكل لسان عربي. فلم يبق إلا الانكاري والتوبيخي وكلاهما يمكن إذ أنكر عليهم فعلهم ووبخهم عليه أشد توبيخ.
وقد قيل بإن هذه الآية نزلت في أحد، فعليه كيف نقلت لما تقولون؟!
ولكنه ليس بشئ كما ترى.
أولا: لان الآية لا يمكن أن تجمد على الواقعة التي نزلت فيها وإلا لبطل القرآن، وبطل الاستدلال به، ولما قام للتشريع من قائمة.
وثانيا: الذي يدل على ما نقول: إن الدعوى في ذلك اليوم المعين كانت قتل محمد وليس موته، فإذا كانت الآية مختصة به لما جي بذكر الموت أصلا، وقد جاء فيعلم بإن هذه الواقعة كان لها المجال الواسع للإشارة لما سيحدث بعد رحيله صلى الله عليه وآله وبالفعل أشار من خلالها فقال: (أفإن مات أو قتل انقلبتم..) (2).
وأما صيغة المضي فيها فلا تدل على مطلبهم بعدما بينا الذي بيناه، بل تدل على الانقلاب الحقيقي بعد رحيله صلى الله عليه وآله، ولذا أخبر به لأنه مكشوف لديه وكأنه لوقوعه قد وقع فعلا وما شاء الله من الاستعمالات القرآنية في ذلك، وخاصة مع وجود الشرط والجزاء قال الشريف المرتضى (قدس). (لان الشارط لا يشرط إلا فيما يستقبل فيقول القائل إن زرتني زرتك يريد إن تزرني أزرك قال الله تعالى (إن شاء جعل لك خيرا من ذلك) يعني إن يشأ يجعل) (3) وقال (قدس) (ومما يقوي مذهب من وضع لفظة الماضي في موضع الحال والاستقبال .