بذلك فقد اهتدى ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم، وقد قال أبونا رسول الله (صلى الله عليه وآله): المداومة على العمل في اتباع الآثار والسنن وإن قل أرضى لله وأنفع عنده في العاقبة من الاجتهاد في البدع واتباع الأهواء. ألا إن اتباع الأهواء واتباع البدع بغير هدى من الله ضلال، وكل ضلالة بدعة وكل بدعة في النار. ولن ينال شئ من الخير عند الله إلا بطاعته والصبر والرضا، لأن الصبر والرضا من طاعة الله.
واعلموا أنه لن يؤمن عبد من عبيده حتى يرضى عن الله فيما صنع الله إليه وصنع به، على ما أحب وكره. ولن يصنع الله بمن صبر ورضي عن الله إلا ما هو أهله وهو خير له مما أحب وكره.
وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين كما أمر الله به المؤمنين في كتابه من قبلكم وإياكم.
وعليكم بحب المساكين المسلمين، فإنه من حقرهم وتكبر عليهم فقد زل عن دين الله، والله له حاقر ماقت، وقد قال أبونا رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمرني ربي بحب المساكين المسلمين [منهم]. واعلموا أن من حقر أحدا من المسلمين ألقى الله عليه المقت منه والمحقرة حتى يمقته الناس والله له أشد مقتا، فاتقوا الله في إخوانكم المسلمين المساكين، فإن لهم عليكم حقا أن تحبوهم، فإن الله أمر رسوله (صلى الله عليه وآله) بحبهم، فمن لم يحب من أمر الله بحبه فقد عصى الله ورسوله، ومن عصى الله ورسوله ومات على ذلك مات وهو من الغاوين.
وإياكم والعظمة والكبر، فإن الكبر رداء الله عز وجل، فمن نازع الله رداءه قصمه الله وأذله يوم القيامة. وإياكم أن يبغي بعضكم على بعض، فإنها ليست من خصال الصالحين، فإنه من بغى صير الله بغيه على نفسه وصارت نصرة الله لمن بغي عليه، ومن نصره الله غلب وأصاب الظفر من الله. وإياكم أن يحسد بعضكم بعضا، فإن الكفر أصله الحسد. وإياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم