خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام، إذ دخل عليه رجل طوال آدم (1) فقال:
السلام عليك يا بن رسول الله، رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك، مصدري من الحج، وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله علي نعمة، فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلست موضع صدقة، فقال له: اجلس رحمك الله.
وأقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا، وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا، فقال: أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدم الله أمرك. فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة، ثم خرج ورد الباب وأخرج يده من أعلى الباب وقال: أين الخراساني؟ فقال: ها أنا ذا، فقال: خذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك، وتبرك بها ولا تصدق بها عني، واخرج فلا أراك ولا تراني. ثم خرج، فقال له سليمان: جعلت فداك، لقد أجزلت ورحمت فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أما سمعت حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله): المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجة، والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له؟ أما سمعت قول الأول (2):
متى آته يوما لأطلب حاجة * رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه (3) 703 - محمد بن عيسى بن زياد: كنت في ديوان ابن عباد فرأيت كتابا ينسخ، سألت (4) عنه فقالوا: كتاب الرضا إلى ابنه (عليهما السلام) من خراسان، فسألتهم أن يدفعوه إلي فدفعوه إلي، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أبقاك الله طويلا وأعاذك من عدوك يا ولدي فداك أبوك، قد فسرت لك ما لي وأنا حي سوي رجاء أن