فلما رأى (ابن عباس) أن عليا غير مقلع عنه كتب إليه:
أما بعد فقد بلغني تعظيمك علي مرزأة ما رزأته أهل هذه البلاد، وأيم الله لان ألقى الله بما في بطن الأرض من عقيانها ولجينها وبما على الأرض من طلاعها أحب إلي من أن ألقى الله وقد سفكت دماء هذه الأمة لان أنال بذلك الملك والامرة (1) ابعث إلى عملك من أحببت فإني ظاعن والسلام.
فلما أراد عبد الله المسير من البصرة دعا أخواله من بني هلال بن عامر بن صعصعة ليمنعوه، فجاء الضحاك بن عبد الله الهلالي فأجاره ومعه رجل منهم يقال له رزين بن عبد الله (2) وكان شجاعا فقالت بنو هلال: لا غناء بنا عن بني سليم. ثم أتتهم قيس فلما رأى (ابن عباس) اجتماعهم له، حمل ما كان في بيت المال بالبصرة - وكان فيما زعموا ستة آلاف ألف - فجعله في الغرائر (3).
قال: فحدثني الأزرق اليشكري (4) قال: سمعت أشياخنا من أهل البصرة ( قالوا:) لما وضع (ابن عباس) المال في الغرائر ثم مضى تبعته الأخماس كلها فلحقوه بالطف على أربع فراسخ من البصرة فواقعوه فقالت لهم قيس: لا يصلون (إليك وفينا) عين تطرف. فقال صبرة (بن شيمان) وكان رأس الأزد (5): والله إن قيسا لإخواننا في الاسلام وجيراننا على العدو، وإن الذي يذهبون به من (المال) لو رد إليكم لكان نصيبكم منه الأقل، ولهم خير لكم من المال. قالوا: فما ترى؟ قال: انصرفوا عنهم.