ثم اجتمع أصحاب البرانس وهم وجوه أصحاب علي عليه السلام على أن يقدموا أبا موسى الأشعري وكان مبرنسا وقالوا: لا نرضى بغيره!!! فقدمه علي (1) وقدم معاوية عمرو بن العاصي فقال له (معاوية): إنك رميت برجل طويل اللسان قصير الرأي فلا ترمه بعقلك كله.
وأجلي لهما مكان يجتمعان فيه (فلما أتياه) فأمهله عمرو بن العاصي ثلاثة أيام ثم أقبل إليه بأنواع الطعام يشهيه بها حتى استبطن أبو موسى وكان معاوية أمره بذلك وقال له:
إن البطنة تذهب الفطنة (2).
ثم ناجاه عمرو فقال له: يا أبا موسى إنك شيخ من أصحاب محمد وذو فضلها وسابقتها وقد ترى ما وقعت فيه الأمة من الفتنة العمياء التي لابقاء معها فهل لك أن تكون ميمون هذه الأمة فيحقن الله بك دماءها فإن الله يقول: * (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) * (32 / المائدة: 5) في نفس واحدة فكيف بمن أحيا هؤلاء الخلق؟ (3) فقال له ( أبو موسى): فكيف ذلك؟ قال: تخلع أنت علي بن أبي طالب وأخلع أنا معاوية بن أبي سفيان ونختار لهذه الأمة رجلا لم يحضر في شئ من هذه الفتنة ولم يغمس يده فيها!!!
قال (أبو موسى): ومن يكون ذلك؟ قال عمرو بن العاصي - وقد فهم رأي أبي موسى في عبد الله بن عمر -: فقال: (هو) عبد الله بن عمر. قال (أبو موسى): أما إنه كما ذكرت ولكن كيف لي بالوثيقة منك؟ قال له عمرو: * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * (4) خذ (عني) من العهود والمواثيق واليمين ما يرضيك مني. ثم لم يبق عمرو بن العاصي عهدا