وخرج أبو موسى من فوره إلى مكة مستعيذا بالله من علي بن أبي طالب وحلف على أن لا يكلمه أبدا وأقام بمكة حينا حتى كتب إليه معاوية (بما لفظه):
سلام عليك أما بعد فإن النية لو كانت تدفع الخطأ لنجا المجتهد وأعذر الطالب والحق لمن نصب له فأصابه وليس لمن عرض (له) فأخطأه (1) وقد كان الحكمان إذا حكما على رجل؟ لم يكن له الخيار عليهما وقد اختاره القوم عليكم فأكره منهم ما كرهوه منك (2) وأقبل إلى الشام فإني خير لك من علي ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فكتب إليه أبو موسى: سلام عليك أما بعد فإنه لم يكن مني في علي شئ إلا ما كان من عمرو فيك غير أن أردت بما صنعت (ما عند) الله وأراد عمرو ما عندك وقد كان بيني وبينه شروط وشورى عن تراض فلما رجع عمرو رجعت.
وأما قولك: إن الحكمين إذا حكما على رجل لم يكن له الخيار عليهما فإنما ذلك في الشاة والبعير والدينار والدرهم، فأما في أمر هذه الأمة فليس لأحد فيما تكره حكم، ولن يذهب الحق عجز عاجز ولا خديعة فاجر.