وزعم أن هذا الخبر منسوخ بقوله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) الآية وبنهيه عليه السلام عن المثلة، وقد روى في ذلك شئ عن بعض السلف ومن الناس من أبى ذلك وقد يترجح هذا لأنه مختلف في سبب نزول هذه الآية فقد ذكر البغوي وغيره لنزولها قصة غير هذه وأيضا فليس فيها أكثر مما تشعره لفظة " إنما " من الاقتصار في حد الخرابة (1) على ما في الآية، وأما من زاد على الخرابة جنايات أخر كما فعل هؤلاء حيث زادوا بالردة وسمل أعين الرعاء وغير ذلك.
فقد روينا في خبرهم عن ابن سعد أنهم قطعوا يد الراعي ورجله وغرسوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات فليس في الآية ما يمنع من التغليظ عليهم والزيادة في عقوبتهم فهذا قصاص ليس بمثلة والمثلة ما كان ابتداء عن غير جزاء. وقد روينا من طريق الترمذي والنسائي جميعا عن الفضل بن سهل عن يحيى بن غيلان وثقهما النسائي عن يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك العرنيين لانهم سملوا أعين الرعاء ولو أن شخصا جنى على قوم جنايات في أعضاء متعددة فاقتص منهم للمجني عليهم لما كان التسوية التي حصل به من المثلة المنهى عنها. وإذا اختلفت في سبب نزول الآية الأقوال وتطرق إليها الاحتمال فلا نسخ. وقد روى هذا الحديث عن أنس من غير وجه وروى أيضا من حديث ابن عمر وعائشة وغيرهما. ولولا ما شرطناه من الاختصار لأوردنا طرفا من طرفه ولبسطنا الكلام عليه.