تضحك أضحك الله سنك قال تيب على أبى لبابة قالت قلت أفلا أبشره يا رسول الله قال بلى إن شئت قال فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك قالت فثار الناس إليه ليطلقوه فقال لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده فلما مر عليه خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه. قال ابن هشام أقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال تأتيه امرأته في وقت كل صلاة فتحله للصلاة ثم يعود فيرتبط بالجذع فيما حدثني بعض أهل العلم، وقال أبو عمر روى ابن وهب عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن أبا لبابة ارتبط بسلسلة ربوض - والربوض الثقيلة - بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه فما يكاد يسمع وكاد يذهب بصره وكانت ابنته تحله إذا حضرت الصلاة أو أراد أن يذهب لحاجة فإذا فرغ اعادته إلى الرباط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو جاءني لاستغفرت له. قال أبو عمر اختلف في الحال الذي أوجب فعل أبى لبابة هذا بنفسه وأحسن ما قيل في ذلك ما رواه معمر عن الزهري قال كان أبو لبابة ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فربط نفسه بسارية (1) وقال والله لا أحل نفسي منها ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى يتوب الله على أو أموت فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه ثم تاب الله عليه وذكر نحو ما تقدم في حال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ثم قال أبو لبابة يا رسول الله إن من توبتي ان اهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وان انخلع من مالي كله صدقة إلى الله والى رسوله قال يجزئك يا أبا لبابة الثلث. وروى عن ابن عباس من وجوه في قوله تعالى (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) الآية أنها نزلت في أبى لبابة ونفر معه سبعة أو ثمانية أو سبعة سواه تخلفوا عن غزوة تبوك ثم ندموا فتابوا وربطوا أنفسهم بالسواري فكان عملهم الصالح توبتهم والسيئ تخلفهم عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو عمر وقد قيل إن الذنب الذي اتاه أبو لبابة كان إشارته إلى حلفائه بني قريظة انه الذبح ان نزلتم على حكم سعد بن معاذ واشارته إلى حلفه فنزلت فيه (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول) الآية.
(٥٢)