رسوله ملك الموت بتقدم خرجوا منها خروج المنازعين له والكارهين وأعارهم مالا لينفقوه في رضاه فتصرفوا فيه تصرف من ليس على يده يد أخرى ولا مولاه يراه وتملكوه عليه حتى بلغ سوء أدبهم بين يديه إلى أنه إذا كتب إليهم كتابا وبعث محمدا رسولا يطلب من أمواله كثيرا أو قليلا ليصرفها في عمارة دار أخرى كرهوا اخراجها عن أيديهم وكانه يخرجها إلى سواهم وصاروا كأنهم هم المالكون لها وكان الله جل جلاله هو المستعير فكان هذا من الهلاك العظيم الكبير وبلغ سوء العبودية بهم إلى أن صاروا في مقام شركاء لمالك حياتهم ومماتهم ينازعون ارادته وكراهاته جل جلاله بإراداتهم وكراهاتهم وزاد سوء العبودية إلى انهم عزلوا مولاهم عن مقام الإلهية وصاروا لا يرضون من تدبيره إلا ما وافق رضاهم وكأنهم يريدون ان يكون التدبير لهم واليهم في دنياهم وآخرتهم فمن يكون على هذا السبيل أو دونه بقليل اما يكون وجهه اسود عند المطلع على أسراره وصحيفته سوداء عند الله وعند الملائكة الحفظة له في ليله ونهاره.
(أقول ولقد رويت ورأيت من كتاب رواية الأنبياء عن الآباء من أهل البيت عليهم السلام تأليف محمد بن محمد بن الأشعث وقد ذكر النجاشي انه ثقة باسناده ان مولانا علي عليه السلام قال ما رأيت ايمانا مع يقين أشبه منه بشك على هذا الانسان انه كل يوم يودع إلى القبور ويشيع والى غرور الدنيا يرجع وعن الشهوة والذنوب لا يقلع.
فلو لم يكن لابن آدم المسكين ذنب يتوكفه ولا حساب يوقف عليه إلا الموت يبدد شمله ويفرق جمعه ويؤتم ولده لكان ينبغي له ان يحاذر ما هو فيه بأشد النصب والتعب.