فأقول فإذا صار أواخر نهار هذا العبد الكثير العثار وهو على ما ذكرناه من سوء العبودية والاصرار فليقبل بقلبه إلى باب رحمة ربه و يتذكر ما جناه في سائر يومه في السرائر والظواهر ويتوب منه توبة عبد ذليل حاضر بين يدي مالك قادر قاهر وان لم يكن يذكر ما أسلفه في نهاره فيدل على قلة اكتراثه بالمطلع على أسراره فيتوب على سبيل الجملة من سائر ذنوبه باطنها وظاهرها أولها وآخرها فان لم توافقه نفسه على مقام التوبة باخلاص الطوية وصدق النية فيكون على صفة أهل الاصرار فإذا خافوا من القصاص ان يهلكوا بالبوار والدمار و خراب الديار ويقف بين يدي الله جل جلاله ويسئله الصفح والعفو عنه فقد يعفو المولى عن عبده وهو غير راض منه.
وان لم تصدق سريرته ولم يكمل ارادته في خلاص طلب العفو بذل المصرين من الجناة وخوف المتمردين من العصاة فليمد رقبته على صفة من قد استسلم لمولاه وحمل نفسه إلى موضع القود مما جناه وليكن على صفات المستسلم الذليل لمالك الأعظم الجليل وليدع على ما كنا وصفناه من آداب أهل المناجاة.
أقول وان كنت مع قوم غافلين فإياك ان تشتغل بهم عن مولاك مالك سعادتك في الدنيا والدين.
(فصل) (أقول ثم أحضر بعقلك وقلبك وقت المحاسبة لعالم الغيب جل جلاله وللملكين الحافظين وكن كما يحاسب العبد أو الساعي في بضاعة لصاحبها أو الشريك لشريكه إذا كان لمن يصاحبه اطلاع على كل ما جرت