جل جلاله المالك للمواهب وتكون ثقتنا بوعود العباد أقوى في نفوسنا من ثقتنا بوعد سلطان المعاد وخوفنا من وعيد بعض الأنام أشق علينا من وعيد سلطان الليالي والأيام ومرادنا من حب بعضنا لبعض أحلى عندنا وأقوى من حبنا لله أو حبه جل جلاله لنا وقرب بعضنا من بعض أهم علينا من تقربنا إليه جل جلاله أو قربه منا واقبال بعضنا على بعض أتم عندنا من اقبالنا عليه جل جلاله أو طلب اقباله علينا ومدح بعضنا لبعض أوقع في نفوسنا من مدحنا له جل جلاله أو طلب مدحه لنا وذم بعضنا لبعض أصعب عندنا من ذمه لنا جل جلاله أو ذم بعض أعدائه له جل جلاله فانا قد نصاحب من الكفار من يذمه ولا نسنا بمصاحبة من يعمل في حقنا ما يعمل أعظم من ذلك في حق الله جل جلاله وأنسنا بعضنا ببعض أتم علينا من الانس بجلاله وحضوره واحسان بعضنا إلى بعض أعظم في نفوسنا من احسانه الذي نعجز عن شكر يسيره وطلب الحوائج منا والقيام فيها لعباده أخف علينا من القيام في فروضه أو مندوباته أو اتباع مراده وغير ذلك من سقم الألباب التي يضيق عنها مضمون هذا الكتاب وما هكذا تضمن كتابه جل جلاله فيما بين أهل هذه الملة قال جل جلاله ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله.
وروى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الروضة في أول خطبة عن مولينا علي عليه السلام اما بعد فان الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته ومن عهود عباده إلى عهوده ومن طاعت عباده إلى طاعته ومن ولاية عباده إلى ولايته ولقد رأيت في بعض الأحاديث ان الله جل جلاله شكى إلى بعض أنبيائه و خاصته من ظلم عباده لمقدس جلالته.