على غرة وأخذه بغتة من غير لطف ولا رفق فكان
موته أشد عليه حسرة ومقاساة نزعه مع قوة نفسه وصحة جسمه أشد ألما وعذابا ولعذاب الآخرة أشد كانجعاف الأرزة وكما قال تعالى (فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) وكذلك عادة الله تعالى في أعدائه كما قال الله تعالى (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة) الآية، ففجأ جميعهم
بالموت على حال عتو وغفلة وصبحهم به على غير استعداد بغتة ولهذا ذكر عن السلف أنهم كانوا يكرهون موت الفجأة ومنه في حديث إبراهيم كانوا يكرهون أخذة كأخذة الأسف أي الغضب يريد موت الفجأة * وحكمة ثالثة أن الأمراض نذير
الممات وبقدر شدتها شدة
الخوف من نزول
الموت فيستعد من إصابته وعلم تعهدها له للبقاء ربه ويعرض عن دار الدنيا الكثيرة الأنكاد ويكون قلبه معلقا بالمعاد فيتنصل من كل ما يخشى تباعته من قبل الله وقبل العباد ويؤدى الحقوق إلى أهلها وينظر فيما يحتاج إليه من
وصية فيمن يخلفه أو أمر يعهده وهذا
نبينا صلى الله عليه وسلم المغفور له ما تقدم وما تأخر قد طلب التنصل في
مرضه ممن كان له عليه مال أو حق في بدن وأقاد من نفسه وماله وأمكن من
القصاص منه على ما ورد في حديث الفضل وحديث
____________________
(قوله كانجعاف) بكسر الجيم: أي كانقلاع (قوله ولهذا ما كره السلف موت الفجاءة) (ما) هنا زائدة وكذلك فيما يقع في بعض النسخ ولهذا ما ذكر عن السلف أنهم كانوا يكرهون موت انفجاءة (قوله كأخذة الأسف) الأخذة بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة، والأسف بفتح السين المهملة الغضب (قوله تباعته) بكسر أوله:
أي تبعته (قوله من قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة