وما كان فيما بينه وبين الناس من ذلك فبين معروف يصنعه أو بر يوسعه أو كلام حسن يقوله أو يسمعه أو تألف شارد أو قهر معاند، أو مداراة حاسد وكل هذا لاحق بصالح أعماله منتظم في زاكي وظائف عباداته وقد كان يخالف في أفعاله الدنيوية بحسب اختلاف الأحوال ويعد للأمور أشباهها فيركب في تصرفه لما قرب الحمار وفى أسفاره الراحلة ويركب البغلة في معارك
الحرب دليلا على الثبات ويركب الخيل ويعدها ليوم
الفزع وإجابة الصارخ وكذلك في لباسه وسائر أحواله بحسب اعتبار مصالحه ومصالح أمته وكذلك يفعل الفعل من أمور الدنيا مساعدة لأمته وسياسة وكراهية لخلافها وإن كان قد يرى غيره خيرا منه كما يترك الفعل لهذا وقد يرى فعله خيرا منه وقد يفعل هذا في الأمور الدينية مما له الخيرة في أحد وجهيه كخروجه من المدينة لأحد وكان مذهبه التحصن بها وتركه
قتل المنافقين وهو على يقين من أمرهم مؤالفة لغيرهم ورعاية للمؤمنين من قرابتهم وكراهة لأن يقول الناس إن محمدا
يقتل أصحابه كما جاء في الحديث وتركه بناء الكعبة على قواعد إبراهيم مراعاة لقلوب قريش وتعظيمهم لتغيرها وحذرا من نفار قلوبهم لذلك وتحريك متقدم عداوتهم للدين وأهله فقال لعائشة في الحديث الصحيح: (لولا حدثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم) ويفعل الفعل ثم يتركه لكون
____________________
(قوله وبعدها بضم أوله (قوله الخيرة) بكسر الخاء المعجمة وفتح المثناة التحتية