والسمين والغث، وأولى ما يقال فيها ما عليه الجمهور من المفسرين أن التمني ههنا التلاوة وإلقاء الشيطان فيها إشغاله بخواطر وأذكار من أمور الدنيا لليالي حتى يدخل عليه الوهم
والنسيان فيما تلاه أو يدخل غير ذلك على أفهام السامعين من التحريف وسوء التأويل ما يزيله الله وينسخه ويكشف لبسه ويحكم آياته وسيأتي الكلام على هذه الآية بعد بأشبع من هذا إن شاء الله، وقد حكى السمرقندي إنكار قول من قال بتسلط الشيطان على ملك سليمان وغلبته عليه وأن مثل هذا لا يصح وقد ذكرنا قصة سليمان مبينة بعد هذا ومن قال إن الجسد هو الولد الذي ولد له، وقال أبو محمد مكي في قصة أيوب وقوله: (أنى مسني الشيطان بنصب وعذاب) إنه لا
يجوز لأحد أن ينازل أن الشيطان هو الذي أمرضه وألقى الضر في بدنه ولا يكون ذلك إلا بفعل الله وأمره ليبتليهم ويثيبهم. قال مكي: وقيل إن الذي أصابه الشيطان ما وسوس به إلى أهله فإن قلت: فما معنى قوله تعالى عن يوشع: - وما أنسانيه إلا الشيطان) وقوله عن يوسف: (فأنساه الشيطان ذكر ربه) وقول نبينا صلى الله عليه وسلم حين
نام عن
الصلاة يوم الوادي: (إن هذا واد به شيطان) وقول
موسى عليه السلام في وكزته: (هذا من عمل الشيطان) فاعلم أن هذا الكلام قد يرد في جميع خذا على مورد مستمر كلام العرب في وصفهم كل قبح من شخص أو فعل بالشيطان أو فعله كما قال تعالى: (طلعها كأنه رؤس الشياطين) وقال صلى الله عليه وسلم:
(فليقاتله فإنما هو شيطان)، وأيضا فإن قول يوشع لا يلزمنا الجواب
____________________
(قوله ويثبتهم) من التثبيت وفى نسخة ويثيبهم من الثواب