أن لا ينزل عليه شئ ينفرهم عنه وذكر هذه القصة وأن جبريل عليه السلام جاءه فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين قال له ما جئتك بهاتين، فحزن لذلك
النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى تسلية له (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) الآية وقوله (وإن كادوا ليفتنونك) الآية، فاعلم أكرمك الله أن لنا في الكلام على مشكل هذا الحديث مأخذين أحدهما في توهين أصله والثاني على تسليمه، أما المأخذ الأول فيكفيك أن هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم وصدق القاضي بكر بن العلاء المالكي حيث قال لقد بلى الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده واختلاف كلماته فقائل يقول إنه في
الصلاة، وآخر يقول قالها في نادى قومه حين أنزلت عليه السورة، وآخر يقول قالها وقد أصابته سنة، وآخر يقول بل حدث نفسه فيها، وآخر يقول إن الشيطان قالها على لسانه وأن
النبي صلى الله عليه وسلم لما عرضها على جبريل قال ما هكذا أقرأتك، وآخر يقول بل أعلمهم الشيطان أن
النبي صلى الله عليه وسلم قرأها، فلما بلغ
النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال والله ما هكذا نزلت، إلى غير ذلك من اختلاف الرواة، ومن حكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين والتابعين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى
____________________
(قوله المولعون) بضم الميم وفتح اللام (قوله لقد بلى الناس) بضم الموحدة وكسر اللام (قوله سنة) بكسر السين وفتح النون أي نعاس.