بخديجة احتاج إلى أحد من الناس فإن أهل الأثر مجمعون على أن خديجة أيسر قريش وأكثرهم مالا وتجارة، وقد أجمعوا في الرواية أن علي بن أبي طالب عليه السلام قال في غير موضع والله لقد صليت قبل كل أحد مع رسول الله (ص) سبع سنين، وقد أجبر على أن أبا بكر أسلم بعد سبع سنين من إظهار رسول الله (ص) الدعوة وبقي رسول الله (ص) بمكة ثلاث عشرة سنة بعد إظهار نبوته إلى أن هاجر إلى المدينة. فجميع ما بقي رسول الله (ص) بمكة بعد إسلام أبي بكر ست سنين، فيا معشر من فهم هل تجزون أن رسول الله (ص) لو كان له خمسون نفسا من العيال مع كثرة مال خديجة ينفق في ست سنين أربعين ألف دينار أو أربعين ألف درهم، ألا تنظرون بيان هذا المحال وفساد هذا المقال، فإن قالوا أنه أنفقه عليه بالمدينة بعد الهجرة فقد علم أهل الآثار أن أبا بكر ورد المدينة وهو محتاج إلى مواساة الأنصار في الدور والمال وفتح الله بعد الهجرة على رسوله ص من غنائم الكفار وبلدانهم ما كان بذلك أغنى العرب لو اقتنى منه عقدة ومع هذا فإنما أقام رسول الله (ص) في المدينة عشر سنين إلى أن قبض، وقد رووا أن رسول الله ص كان في ضيافة الأنصار يتداولون ضيافته وأنه كان في أوقات كثيرة يشد الحجر من المجاعة على بطنه ويطوي الأيام الثلاثة والسبعة والأكثر لم تطعم فيهن طعاما إلى أن فتح الله عليه البلدان، فمن يدفع إليه رجل واحد أربعين ألف دينار يكون بالحال الذي وصفناه في مدة عشر سنين، فيا سبحان الله ما أعظم تخرصهم على الله ورسوله (ص) ولقد رووا جميعا أن الله عز وجل لما قال " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة " فقد قعد المهاجرون والأنصار عن مناجاته غير علي عليه السلام فإنه قال كان معي دينار واحد فبعته بعشرة دراهم فجعلت أتصدق منها بدرهم بعد درهم ثم أناجي رسول الله (ص) مرة بعد أخرى حتى تصدقت بالدراهم كلها في عشر مرات وما
(٣١)