الحمد على ما به فضلتنا (1) وعلمتنا من القرآن، وفهمتنا (2) في الدين، وأكرمتنا به من كرامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة وجعلتنا من الشاكرين. ثم أقبل عليهم وقال: إني لا أعلم أصحابا أصح منكم (3) ولا أعدل ولا أفضل أهل بيت، فجزاكم الله عني خيرا! فهذا الليل قد أقبل فقوموا واتخذوه جملا، وليأخذ كل [رجل] (4) منكم بيد صاحبه أو رجل من إخوتي (5) وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم، فإنهم لا يطلبون غيري، ولو أصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم.
قال: فعندها تكلم إخوته وجميع أهل بيته فقالوا: يا بن بنت رسول الله! وماذا يقول الناس وماذا نقول لهم إذا تركنا شيخنا وسيدنا وابن بنت نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم! لم نرم معه بسهم، ولا نطعن عنه برمح، ولا نضرب معه بسيف، لا والله يا بن بنت رسول الله! لا نفارقك أبدا ولكننا نفديك بأنفسنا (6) ونقتل بين يديك، ونرد موردك فقبح الله العيش بعدك (7).
قال: ثم قام مسلم بن عوسجة الأسدي وقال: يا بن بنت رسول الله! نحن عليك هكذا، وننصرف وقد أحاط بك الأعداء! لا والله لا يراني الله أفعل ذلك أبدا حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضاربهم (8) بسيفي ما ثبت قائمه بيدي! ووالله لو لم يكن معي سلاح (9) أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة أبدا، ولم أفارقهم أو أموت بين يديك!. قال: ثم قام إليه جماعة كلهم (10) على نصرته وقالوا: نفديك أنفسنا.