بذلت من الجائزة الحظ الأوفى.
قال: ثم أمر عبيد الله بن زياد خليفته عمرو (1) بن حريث المخزومي أن يبعث مع محمد بن الأشعث ثلاثمائة راجل (2) من صناديد أصحابه.
قال: فركب محمد بن الأشعث حتى وافى الدار التي فيها مسلم بن عقيل.
قال: وسمع مسلم بن عقيل وقع حوافر الخيل وزعقات الرجال فعلم أنه قد أتي في طلبه، فبادر رحمه الله إلى فرسه فأسرجه وألجمه، وصب عليه درعه، واعتجر بعمامة، وتقلد بسيفه، والقوم يرمون الدار بالحجارة، ويلهبون النار في نواحي القصب. قال: فتبسم مسلم رحمه الله، ثم قال: يا نفس! أخرجي إلى الموت الذي ليس منه (3) محيص ولا عنه محيد، ثم قال للمرأة: أي رحمك الله وجزاك عني خيرا! اعلمي أنما أوتيت من قبل ابنك، ولكن افتحي الباب. قال: ففتحت الباب، وخرج مسلم في وجوه القوم كأنه أسد مغضب، فجعل يضاربهم بسيفه حتى قتل منهم جماعة (4).
و بلغ ذلك عبيد الله بن زياد، فأرسل إلى محمد بن الأشعث وقال: سبحان الله يا (5) عبد الله! بعثناك إلى رجل واحد تأتينا به فأثلم في أصحابي ثلمة عظيمة. فأرسل إليه محمد بن الأشعث: أيها الأمير! أما تعلم أنك بعثتني إلى أسد ضرغام، وسيف حسام، في كف بطل همام، من آل خير الأنام. قال: فأرسل إليه عبيد الله (6) بن زياد: أن أعطه (7) الأمان، فإنك لن تقدر عليه إلا بالأمان. فجعل محمد بن الأشعث يقول: ويحك يا بن عقيل! لا تقتل نفسك، لك الأمان! ومسلم بن عقيل يقول: