الناس! إن مسلم بن عقيل أتى هذا البلاد وأظهر العناد وشق العصا وقد برئت الذمة من رجل أصبناه (1) في داره، ومن جاء به فله ديته، اتقوا الله عباد الله وألزموا طاعتكم وبيعتكم، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، ومن أتاني بمسلم بن عقيل فله شعرة آلاف درهم والمنزلة الرفيعة من يزيد بن معاوية وله في كل يوم حاجة مقضية - و السلام -.
ثم نزل عن المنبر ودعا الحصين بن نمير السكوني (2) فقال: ثكلتك أمك إن فاتتك سكة من سكك الكوفة لم تطبق على أهلها أو يأتوك بمسلم بن عقيل! فو الله لئن خرج من الكوفة سالما لنريقن أنفسنا في طلبه، فانطلق الآن فقد سلطتك على دور الكوفة وسككها. فانصب (3) المراصد وجد الطلب حتى تأتيني بهذا الرجل.
قال (4): وأقبل محمد بن الأشعث حتى دخل على عبيد الله بن زياد، فلما رآه قال: مرحبا بمن لا يتهم (5) في مشورة! ثم أدناه وأقعده إلى جنبه (6). وأقبل ابن تلك المرأة التي مسلم بن عقيل في دارها إلى عبد الرحمن بن [محمد بن] (7) الأشعث فخبره بمكان مسلم بن عقيل عند أمه. فقال له عبد الرحمن: اسكت الآن و لا تعلم بهذا أحدا من الناس. قال: ثم أقبل عبد الرحمن بن محمد إلى أبيه فساره في أذنه وقال: إن مسلما (8) في دار طوعة، ثم تنحى عنه. فقال عبيد الله بن زياد:
ما الذي قال لك عبد الرحمن؟ فقال: أصلح الله الأمير! البشارة العظمى. فقال:
و ما ذاك؟ ومثلك من بشر بخير. فقال: إن ابني هذا يخبرني أن مسلم بن عقيل في (9) دار طوعة عند مولاة لنا. قال (10): فسر بذلك، ثم قال: قم فأت به ولك ما