كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٦٥
جزاك الله خيرا يا (1) بن عم! فقد علمت أنك أمرت بنصح، ومهما يقضي الله من أمر فهو كائن أخذت برأيك أم تركته. قال: فانصرف عنه عمر (2) بن عبد الرحمن وهو يقول:
رب مستنصح سيعصي ويؤذى * ونصيح بالغيب يلفي نصيحا (3) قال: وقدم ابن عباس في تلك الأيام إلى مكة، وقد بلغه أن الحسين عليه السلام يريد أن يصير إلى العراق، فأقبل حتى دخل عليه مسلما، فقال:
جعلت فداك يا بن بنت رسول الله! إنه قد شاع الخبر في الناس وأرجفوا بأنك سائر إلى العراق، فبين لي ما أنت صانع! فقال الحسين: نعم، إني أزمعت (4) على ذلك في أيامي هذه إن شاء الله ولا قوة إلا بالله. فقال ابن عباس رحمه الله:
أعيذك بالله من ذلك! فإن تصر إلى قوم قد قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا (5) عدوهم، في مسيرك إليهم لعمري الرشاد والسداد، وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم قاهر لهم وعمالهم يجبون بلادهم، وإنما دعوك إلى الحرب والقتال، وإنك تعلم أنه بلد قد قتل فيه أبوك واغتيل فيه أخوك وقتل فيه ابن عمك وبويع (6) يزيد بن معاوية، وعبيد الله بن زياد في البلد يعطي ويفرض، والناس اليوم إنما هم عبيد الدينار والدرهم، ولا آمن عليك أن تقتل، فاتق (7) الله والزم هذا الحرم (8). فقال له الحسين: والله أن أقتل بالعراق أحب إلي من أن أقتل بمكة، وما قضى الله فهو كائن، وأنا مع ذلك أستخير الله وأنظر ما يكون (9).

(1) عن الطبري، وبالأصل: " من ".
(2) بالأصل: عمرو.
(3) البيت في الطبري 5 / 382 ومروج الذهب 2 / 70 باختلاف في ألفاظه.
(4) الطبري: أجمعت المسير في أحد يومي هذين.
(5) عن الطبري، وبالأصل " تقوى ".
(6) بالأصل " وبايعه ".
(7) بالأصل " فاتقي ".
(8) في مروج الذهب 3 / 68 وإن أبيت إلا محاربة هذا الجبار وكرهت المقام في مكة فاشخص إلى اليمن، فإنها في عزلة، ولك فيها أنصار واخوان، فأقم بها وبث دعاتك.. فإن عصيتني وأبيت إلا الخروج إلى الكوفة فلا تخرجن نساءك وولدك معك.
(9) زيد في الطبري هنا أنه بعد خروج ابن عباس، أتاه ابن الزبير فحدثه ساعة. انظر ما جرى بينهما من حديث الطبري 5 / 383 ومروج الذهب 3 / 69.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169