قال: وجعل رجل من أصحاب عبيد الله بن زياد اسمه كثير بن شهاب ينادي من أعلى القصر بأعلى صوته: ألا يا شيعة مسلم بن عقيل! ألا يا شيعة الحسين بن علي! الله الله في أنفسكم وفي أهاليكم وأولادكم، فإن جنود أهل الشام قد أقبلت، وإن الأمير عبيد الله بن زياد قد عاهد الله لئن أقمتم على حربكم ولم تنصرفوا من يومكم هذا ليحرمنكم العطاء وليفرقن مقاتلتكم في مغازي أهل الشام، وليأخذن البريء بالسقيم والشاهد بالغائب، حتى لا يبقى منكم (2) بقية من أهل المعصية إلا أذاقها وبال أمرها (3) (4).
قال: فلما سمع الناس ذلك تفرقوا وتحادوا عن مسلم بن عقيل رحمه الله، ويقول بعضهم لبعض: ما نصنع بتعجيل الفتنة وغدا تأتينا جموع أهل الشام، ينبغي لنا أن نفعل في منزلنا وندع هؤلاء القوم حتى يصلح الله ذات بينهم. قال: ثم جعل القوم يتسللون والنهار يمضي، فما غابت الشمس حتى بقي مسلم بن عقيل في عشرة (5) أفراس من أصحابه لا أقل ولا أكثر واختلط الظلام، فدخل مسلم بن عقيل المسجد الأعظم ليصلي المغرب وتفرق عنه العشرة. فلما رأى ذلك استوى على فرسه ومضى في بعض أزقة الكوفة (6)، وقد أثخن بالجراحات حتى صار إلى دار امرأة يقال لها طوعة، وقد كانت فيما مضى امرأة قيس الكندي فتزوجها رجل من حضرموت يقال له (7) أسد بن البطين فأولدها ولدا يقال له أسد. وكانت المرأة واقفة على باب