كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٥٠
قال: وجعل رجل من أصحاب عبيد الله بن زياد اسمه كثير بن شهاب ينادي من أعلى القصر بأعلى صوته: ألا يا شيعة مسلم بن عقيل! ألا يا شيعة الحسين بن علي! الله الله في أنفسكم وفي أهاليكم وأولادكم، فإن جنود أهل الشام قد أقبلت، وإن الأمير عبيد الله بن زياد قد عاهد الله لئن أقمتم على حربكم ولم تنصرفوا من يومكم هذا ليحرمنكم العطاء وليفرقن مقاتلتكم في مغازي أهل الشام، وليأخذن البريء بالسقيم والشاهد بالغائب، حتى لا يبقى منكم (2) بقية من أهل المعصية إلا أذاقها وبال أمرها (3) (4).
قال: فلما سمع الناس ذلك تفرقوا وتحادوا عن مسلم بن عقيل رحمه الله، ويقول بعضهم لبعض: ما نصنع بتعجيل الفتنة وغدا تأتينا جموع أهل الشام، ينبغي لنا أن نفعل في منزلنا وندع هؤلاء القوم حتى يصلح الله ذات بينهم. قال: ثم جعل القوم يتسللون والنهار يمضي، فما غابت الشمس حتى بقي مسلم بن عقيل في عشرة (5) أفراس من أصحابه لا أقل ولا أكثر واختلط الظلام، فدخل مسلم بن عقيل المسجد الأعظم ليصلي المغرب وتفرق عنه العشرة. فلما رأى ذلك استوى على فرسه ومضى في بعض أزقة الكوفة (6)، وقد أثخن بالجراحات حتى صار إلى دار امرأة يقال لها طوعة، وقد كانت فيما مضى امرأة قيس الكندي فتزوجها رجل من حضرموت يقال له (7) أسد بن البطين فأولدها ولدا يقال له أسد. وكانت المرأة واقفة على باب

(١) عن الطبري، وبالأصل: مقابلي كم.
(٢) في الطبري: له فيكم.
(٣) الطبري: وبال ما جرت أيديها.
(٤) وكان عبيد الله بن زياد قد أمر بعض أشراف أهل الكوفة أن يسيروا فيمن أطاعهم من أهل الكوفة ويخذلوا الناس عن مسلم بن عقيل. فدعا كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج... وأمر محمد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت... وقال مثل ذلك للقعقاع بن ثور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي وحجار بن أبجر العجلي وشمر بن ذي الجوشن العامري..
ثم جمع الأشراف إليه مجددا وقال لهم: منوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة، وخوفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة، وأعلموهم فصول الجنود من الشام إليهم. (انظر الطبري ٥ / ٣٦٩ - ٣٧٠) والأخبار الطوال ص ٢٣٩.
(5) في الطبري: ثلاثون، وفي مروج الذهب: مئة رجل.
(6) في مروج الذهب: لا يدري أين يتوجه.
(7) في الطبري: أسيد الحضرمي، فولدت له بلالا. وكان بلال قد خرج مع الناس وأمه قائمة تنتظره.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169