كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٥٨
أمركم الله به، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر، فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف، وننهاهم عن المنكر، وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنة، وكنا أهل ذلك، ولم تزل الخلافة لنا منذ قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ولا تزال الخلافة لنا فإنا (1) قهرنا عليها، لأنكم أول من خرج على إمام هدى، وشق عصا المسلمين، وأخذ هذا الأمر غصبا، ونازع أهله بالظلم والعدوان، ولا نعلم لنا ولكم مثلا إلا قول الله تبارك وتعالى: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (2). قال: فجعل ابن زياد يشتم عليا والحسن والحسين رضي الله عنهم، فقال له مسلم: أنت وأبوك أحق بالشتيمة منهم، فاقض ما أنت قاض، فنحن أهل بيت موكل بنا البلاء. فقال عبيد الله بن زياد: الحقوا به إلى أعلى القصر فاضربوا عنقه وألحقوا رأسه جسده (3).
فقال مسلم رحمه الله: أما والله يا بن زياد! لو كنت من قريش أو كان بيني وبينك رحم أو قرابة لما قتلتني ولكنك ابن أبيك.
قال: فأدخله ابن زياد القصر ثم دعا رجلا من أهل الشام قد كان مسلم بن عقيل ضربه على رأسه ضربة منكرة (4)، فقال له: خذ مسلما (5) واصعد به إلى أعلى القصر واضرب عنقه بيدك ليكون ذلك أشفى لصدرك.
قال: فأصعد مسلم بن عقيل رحمه الله إلى أعلى القصر وهو في ذلك يسبح الله تعالى ويستغفره وهو يقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا (6) وخذلونا. فلم يزل كذلك حتى أتى به إلى أعلى القصر. وتقدم ذلك الشامي فضرب عنقه - رحمه الله -.
ثم نزل الشامي إلى عبيد الله بن زياد وهو مدهوش، فقال له ابن زياد: ما شأنك؟ أقتلته؟ قال: نعم، أصلح الله الأمير! إلا أنه عرض لي عارض فأنا له فزع مرعوب. فقال: ما الذي عرض لك؟ قال: رأيت ساعة قتلته رجلا حذاي أسود

(١) بالأصل: فإن.
(٢) سورة الشعراء الآية ٢٢٧.
(٣) في الطبري ٥ / ٣٧٨ ثم اتبعوا جسده رأسه.
(٤) يريد بكير بن حمران الأحمري كما في الطبري والمسعودي وقد تقدم أنه ضربه فقتله. وفي الأخبار الطوال ص ٢٤١ أن الذي تولى ضرب عنقه أحمر بن بكير.
(5) بالأصل: مسلم.
(6) بالأصل: غزونا، وفي الطبري: كذبونا وغرونا.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169