دارها، فسلم عليها مسلم بن عقيل، فردت عليه السلام ثم قالت: ما حاجتك؟
قال: اسقيني شربة من الماء فقد بلغ (1) مني العطش، قال: فسقته حتى روى فجلس على بابها، فقالت: يا (2) عبد الله! ما لك جالس أما شربت؟ فقال: بلى و الله (3) ولكني ما لي بالكوفة منزل، وإني غريب قد خذلني من كنت أثق به، فهل لك في معروف تصطنعيه إلي فإني رجل من أهل بيت شرف وكرم، ومثلي من يكافئ بالإحسان. فقالت: وكيف ذلك؟ ومن أنت؟ فقال مسلم رحمه الله: خلي هذا الكلام وأدخليني منزلك عسى الله أن يكافئك غدا بالجنة. فقالت: يا عبد الله!
خبرني اسمك ولا تكتمني شيئا من أمرك، فإني أكره أن يدخل منزلي من قبل معرفة خبرك وهذه الفتنة قائمة، وهذا عبيد الله بن زياد بالكوفة. فقال لها مسلم بن عقيل:
إنك لو عرفتني حق المعرفة لأدخلتني (4) دارك. أنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب!
فقالت المرأة: قم فادخل رحمك الله! فأدخلته منزلها (5) وجاءته بالمصباح وبالطعام فأبى أن يأكل.
فلم يكن بأسرع من [أن -] (6) جاء ابنها فلما أتى وجد أمه تكثر دخولها وخروجها إلى بيت هناك وهي باكية، فقال لها: يا أماه! إن أمرك يريبني لدخولك هذا البيت وخروجك منه باكية، ما قصتك؟ فقالت: يا ولداه! إني مخبرتك بشيء لا تفشه لأحد (7)، فقال لها: قولي ما أحببت، فقالت له: يا بني! إن مسلم بن عقيل في ذلك البيت وقد كان من قصته كذا وكذا. قال: فسكت الغلام ولم يقل شيئا، ثم أخذ مضجعه ونام.
فلما كان من الغد نادى عبيد الله بن زياد في الناس أن يجتمعوا، ثم خرج من القصر وأتى إلى المسجد الأعظم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها