فوثب إليه عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال: أوص إلي بما تريد يا بن عقيل (1)!
فقال: أوصيك ونفسي بتقوى الله فإن التقوى فيها الدرك لكل خير، وقد علمت ما بيني وبينك من القرابة، ولي إليك حاجة وقد يجب عليك لقرابتي أن تقضي حاجتي. قال: فقال ابن زياد: لا يجب يا بن عمر أن تقضي حاجة ابن عمك وإن كان مسرفا على نفسه فإنه مقتول لا محالة. فقال عمر بن سعد: قل ما أحببت يا بن عقيل! فقال مسلم رحمه الله: حاجتي إليك أن تشتري فرسي وسلاحي من هؤلاء القوم فتبيعه وتقضي عني سبعمائة (2) درهم استدنتها في مصركم، وأن تستوهب جثتي إذا قتلني هذا وتواريني في التراب، وأن تكتب إلى الحسين بن علي أن لا يقدم فينزل به ما نزل بي (3). قال: فالتفت عمر (4) بن سعد إلى عبيد الله بن زياد فقال: أيها الأمير! إنه يقول كذا وكذا. فقال ابن زياد (5): أما ما ذكرت يا بن عقيل من أمر دينك فإنما هو مالك يقضى به دينك، ولسنا نمنعك أن تصنع فيه ما أحببت، وأما جسدك إذا نحن قتلناك فالخيار في ذلك لنا، ولسنا نبالي ما صنع الله بجثتك، وأما الحسين فإن لم يردنا لم نرده، وإن أرادنا لم نكف عنه، ولكني أريد أن تخبرني يا بن عقيل بماذا أتيت إلى هذا البلد؟ شتت أمرهم وفرقت كلمتهم ورميت بعضهم على بعض!
فقال مسلم بن عقيل: لست (6) لذلك أتيت هذا البلد، ولكنكم (7) أظهرتم المنكر، و دفنتم المعروف، وتأمرتم على الناس من غير رضى، وحملتموهم على غير ما