كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٥٧
فوثب إليه عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال: أوص إلي بما تريد يا بن عقيل (1)!
فقال: أوصيك ونفسي بتقوى الله فإن التقوى فيها الدرك لكل خير، وقد علمت ما بيني وبينك من القرابة، ولي إليك حاجة وقد يجب عليك لقرابتي أن تقضي حاجتي. قال: فقال ابن زياد: لا يجب يا بن عمر أن تقضي حاجة ابن عمك وإن كان مسرفا على نفسه فإنه مقتول لا محالة. فقال عمر بن سعد: قل ما أحببت يا بن عقيل! فقال مسلم رحمه الله: حاجتي إليك أن تشتري فرسي وسلاحي من هؤلاء القوم فتبيعه وتقضي عني سبعمائة (2) درهم استدنتها في مصركم، وأن تستوهب جثتي إذا قتلني هذا وتواريني في التراب، وأن تكتب إلى الحسين بن علي أن لا يقدم فينزل به ما نزل بي (3). قال: فالتفت عمر (4) بن سعد إلى عبيد الله بن زياد فقال: أيها الأمير! إنه يقول كذا وكذا. فقال ابن زياد (5): أما ما ذكرت يا بن عقيل من أمر دينك فإنما هو مالك يقضى به دينك، ولسنا نمنعك أن تصنع فيه ما أحببت، وأما جسدك إذا نحن قتلناك فالخيار في ذلك لنا، ولسنا نبالي ما صنع الله بجثتك، وأما الحسين فإن لم يردنا لم نرده، وإن أرادنا لم نكف عنه، ولكني أريد أن تخبرني يا بن عقيل بماذا أتيت إلى هذا البلد؟ شتت أمرهم وفرقت كلمتهم ورميت بعضهم على بعض!
فقال مسلم بن عقيل: لست (6) لذلك أتيت هذا البلد، ولكنكم (7) أظهرتم المنكر، و دفنتم المعروف، وتأمرتم على الناس من غير رضى، وحملتموهم على غير ما

(١) كذا بالأصل، وفي المصادر أن مسلما وبعد أن استعرض جلساء عبيد الله بن زياد طلب إلى عمر بن سعد أن يقبل أن يوصي إليه، فقبل.
(٢) الأصل والطبري، وفي الأخبار الطوال: ألف درهم.
(٣) وكان مسلم بن عقيل وبعد تحوله إلى دار هانئ بن عروة قد بعث كتابا إلى الحسين بن علي (رض) مع عابس بن أبي شبيب الشاكري وفيه: أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا. فعجل الاقبال حين يأتيك كتابي، فإن الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى والسلام الطبري ٥ / ٣٧٥.
و في رواية عند الطبري أيضا ٥ / ٣٧٤ أن مسلم لما أسره محمد بن الأشعث أخبره مقدم الحسين، وأن ابن الأشعث بعث إلى الحسين بخبر أسر مسلم وما آل إليه أمره ويدعوه إلى العودة من حيث أتى.
(٤) بالأصل: عمرو.
(٥) قد أسأت في إفشائك ما أسره إليك، وقد قيل: " إنه لا يخونك إلا الأمين، وربما ائتمنك الخائن " كذا في الأخبار الطوال ص ٢٤١. وانظر الطبري 5 / 377.
(6) بالأصل: ليس، وما أثبتناه عن الطبري.
(7) العبارة في الطبري 5 / 377 ولكن أهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم، وسفك دماءهم وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 61 62 63 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169