المسجد الأعظم فنادى في الناس فاجتمعوا إليه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أهل الكوفة فاتقوا الله ربكم ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة، فإن فيها (1) سفك الدماء وذهاب الرجال والأموال، واعلموا أني لست أقاتل إلا من قاتلني، ولا أثب إلا على من وثب علي غير أنكم قد أبديتم صفحتكم (2) ونقضتم (3) بيعتكم وخالفتم إمامكم فإن رأيتم أنكم رجعتم عن ذلك، وإلا فو الله الذي لا إله إلا هو لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن لي [منكم] (4) ناصر، مع أني أرجو أن من يعرف الحق منكم أكثر ممن يريد (5) الباطل.
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن سعيد (6) الحضرمي فقال: أيها الأمير أصلحك الله إن هذا الذي أنت عليه من رأيك إنما هو رأي المستضعفين فقال له النعمان بن بشير: يا هذا! والله لأن أكون من المستضعفين في طاعة الله أحب إلي من أن أكون من المغلوبين (7) في معصية الله.
قال: ثم نزل عن المنبر ودخل قصر الإمارة، وكتب عبد الله بن مسلم (8) إلى يزيد بن معاوية يخبره بذلك:
بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله يزيد بن معاوية أمير المؤمنين من شيعته من أهل الكوفة، أما بعد فإن مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة وقد بايعه الشيعة للحسين بن علي رضي الله عنهما وهم خلق كثير، فإن كان لك في الكوفة حاجة فابعث إليهما رجلا قويا ينفذ فيها أمرك ويعمل فيها بعملك من عدوك، فإن النعمان بن بشير رجل