كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٧٠
عبد الله بن الزبير، وقوم يؤمون إلى خالد بن يزيد بن معاوية، وقوم إلى الضحاك بن قيس الفهري، وآخرون يؤمون إلى مروان بن الحكم (1).
قال: واجتمع الناس إلى الضحاك بن قيس الفهري (2)، وأرسل مروان بن الحكم إلى روح بن زنباع الجذامي فقال له: أشر علي برأيك! فقال: أشير عليك أن تطلب هذا الأمر لنفسك، فإنك اليوم شيخ كبير بني أمية، وأنت ابن عم أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وأنت أحق بهذا الأمر من الضحاك بن قيس. قال:

(1) كان موت يزيد بن معاوية وارتباك الأسرة الأموية في معالجة النتائج السلبية التي انعكست عليها عاملا دعم موقف وسياسة ابن الزبير الذي خرج منتصرا من هزيمة عسكرية محققة وامتد نفوذه وانتشر، هذا الانتشار زاد في إرباك القيادات الأموية حتى أن مروان بن الحكم نفسه فكر في أن يلحق به وينضاف إلى جملته (مروج الذهب) ونرى ذلك واضحا عند قدوم الحصين بن نمير الشام حيث قال لمروان ولبني أمية: نراكم في اختلاط شديد فأقيموا أمركم قبل أن يدخل عليكم شامكم.
وجاء بعد وقت قصير جدا الاختفاء الغامض لمعاوية بن يزيد ليزيد أزمة الأسرة الأموية خطورة ويفتح الصراعات بين الأجنحة الممثلة للسلطة الأموية على مختلف الاتجاهات ويضع الجميع على مفترق مصيري، حيث الفراغ في السلطة المركزية يقابله تمدد نفوذ وسلطة ابن الزبير.
أمام هذا الواقع الأزمة، وأمام هذه الفتنة العمياء الصماء المرتقبة برز اتجاهان تجاذبا الصراع على النفوذ بعد ما تمزقت الجبهة الأموية نتيجة الصراعات القديمة الجديدة بين الأجنحة القبلية التي كانت تقوم عليها - وترتكز - السلطة المركزية الأموية السفيانية وتجلى هذا الصراع بين أجنحة ثلاثة كل منها يعمل لإيصال مرشحه للخلافة:
- جناح خالد بن يزيد بن معاوية ممثل الشرعية السفيانية.
- جناح مروان بن الحكم، شيخ بني العاص، والذي طرح مرشحه كمرشح تسوية أو إجماع.
- جماح عمرو بن سعيد (الأشدق) وكان الأضعف في مواجهة التيارين الآخرين.
كان هذا الصراع بين أجنحة الاتجاه اليمني - الكلبي.
وأما الاتجاه القيسي وبعد أن رأى تماسك الاتجاه الأول وحرصه على المحافظة على المعادلة التقليدية في الشام، تطلع إلى ابن الزبير وتحالف معه. وفي الاجتماع اليمني الذي عقد في الجابية جرت التسوية بين أجنحة هذا الإتجاة الثلاثة فطرح مروان كمرشح تسوية على أن يكون خالد بن يزيد وليا للعهد فضلا عن تعيينه أميرا على حمص، وأعطيت للقطب الثالث عمرو بن سعيد ولاية عهد خالد وإمارة دمشق (انظر تفاصيل وافية أوردها د. إبراهيم بيضون في كتابه تكون الاتجاهات السياسية في الإسلام الأول ص 211 وما بعدها ومروج الذهب 3 / 103). واشترط حسان بن بحدل - وكان رئيس قحطان وسيدها بالشام - ما كان لهم من الشروط على معاوية وابنه يزيد وابنه معاوية منها: أن يفرض لهم لألفي رجل ألفين ألفين، وإن مات قام ابنه أو ابن عمه مكانه، وعلى أن يكون لهم الأمر والنهي وصدر المجلس وكل ما كان من حل وعقد فعن رأي منهم ومشورة. فأجابه مروان إلى ما سأل (مروج الذهب 3 / 104).
(2) في الطبري 5 / 530 بايعه أهل دمشق على أن يصلي بهم ويقيم لهم أمرهم حتى يجتمع أمر أمة محمد.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169