كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٦٦
قال: فبقي الحصين حائرا ماذا يصنع! ثم أرسل إلى عبد الله بن الزبير فقال إن أذنت لي أن أدخل مكة فأهل بالعمرة! فأرسل إليه عبد الله بن الزبير: ذلك إليك.
قال: فدخل أهل الشام إلى مكة نادمين على ما كان منهم، فلما عزموا على الرحيل منها إلى الشام أقبل الحصين إلى عبد الله بن الزبير فجلس إليه ثم قال: أبا بكر! إن يزيد بن معاوية قد مضى إلى حال سبيله، وليس بالشام خليفة، وهذا الجيش معي كما ترى، فأخرج معي إلى الشام حتى تكون خليفة هناك فأنت رجل من أبناء المهاجرين الأولين. قال: فرفع عبد الله بن الزبير صوته، وقال: لا والله أو أقتل بكل رجل قتل من الحرة عشرة آلاف من أهل الشام (1). قال: فقال له الحصين:
ويحك (2) يا بن الزبير! تزعم أنك عاقل وأنا أكلمك بهذا سرا وتكلمني جهرا، وأدعوك إلى أن تكون خليفة وتوعدني بالقتل! يا بن الزبير! إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم من مكة، ثم إنه لم يرضها له دارا حتى نقله إلى المدينة، فكانت المدينة داره وقراره إلى أن أدركته الوفاة صلى الله عليه وآله وسلم والمدينة موضع قبره ومنزله ومنبره، ثم صار الأمر من بعده إلى أبي بكر، ثم إلى عمر، ثم إلى عثمان - رضي الله عنهم -، فلما قتل أهل المدينة عثمان انتقلت الخلافة إلى الشام والشام دار الخلافة، فاقبل مني يا بن الزبير واخرج معي إلى الشام، فأنا أول من يبايعك ثم يبايعك أهل هذا العسكر وأهل الشام جميعهم. قال: فأبى عبد الله بن الزبير أن يجيب الحصين بن نمير إلى ذلك.
قال: فرحل الحصين إلى الشام بعسكره ذلك، وانصرف أهل البصرة إلى البصرة، وبها يومئذ عبيد الله بن زياد، ثم أرسل إليهم فدعاهم ثم قال: يا أعداء الله! أخرجتم من البصرة لنصرة عبد الله بن الزبير لتعينوه على أمير المؤمنين يزيد بن معاوية؟ قال فقالوا له: أيها الأمير! إنا ما خرجنا إلى مكة لنعين عبد الله بن الزبير على يزيد، وإنما خرجنا لننصر البيت الحرام من أهل الشام، وأما يزيد فقد مضى لسبيله ولعله قد بلغك ذلك! قال: وكان الخبر وقع إلى عبيد الله بن زياد بأن يزيد قد

(١) في مروج الذهب ٣ / ٩٩: أبعد قتل أهل الحرة، لا والله حتى أقتل بكل رجل خمسة من أهل الشام، وانظر الطبري ٥ / ٥٠٢ الأخبار الطوال ص ٢٨٦ والإمامة والسياسة 2 / 20.
(2) في مروج الذهب: من زعم يا بن الزبير أنك داهية فهو أحمق. وانظر ما حرى فيهما في المصادر السابقة. حيث أضاع عبد الله بن الزبير فرصة ثمينة لم تتكرر وسيدفع بعد قليل ثمن غلطته هذه حياته.
وكان آخر ما قال له الحصين: والله لا تفلح أبدا وفستعلم أينا المقتول.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169