قال: فبقي الحصين حائرا ماذا يصنع! ثم أرسل إلى عبد الله بن الزبير فقال إن أذنت لي أن أدخل مكة فأهل بالعمرة! فأرسل إليه عبد الله بن الزبير: ذلك إليك.
قال: فدخل أهل الشام إلى مكة نادمين على ما كان منهم، فلما عزموا على الرحيل منها إلى الشام أقبل الحصين إلى عبد الله بن الزبير فجلس إليه ثم قال: أبا بكر! إن يزيد بن معاوية قد مضى إلى حال سبيله، وليس بالشام خليفة، وهذا الجيش معي كما ترى، فأخرج معي إلى الشام حتى تكون خليفة هناك فأنت رجل من أبناء المهاجرين الأولين. قال: فرفع عبد الله بن الزبير صوته، وقال: لا والله أو أقتل بكل رجل قتل من الحرة عشرة آلاف من أهل الشام (1). قال: فقال له الحصين:
ويحك (2) يا بن الزبير! تزعم أنك عاقل وأنا أكلمك بهذا سرا وتكلمني جهرا، وأدعوك إلى أن تكون خليفة وتوعدني بالقتل! يا بن الزبير! إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم من مكة، ثم إنه لم يرضها له دارا حتى نقله إلى المدينة، فكانت المدينة داره وقراره إلى أن أدركته الوفاة صلى الله عليه وآله وسلم والمدينة موضع قبره ومنزله ومنبره، ثم صار الأمر من بعده إلى أبي بكر، ثم إلى عمر، ثم إلى عثمان - رضي الله عنهم -، فلما قتل أهل المدينة عثمان انتقلت الخلافة إلى الشام والشام دار الخلافة، فاقبل مني يا بن الزبير واخرج معي إلى الشام، فأنا أول من يبايعك ثم يبايعك أهل هذا العسكر وأهل الشام جميعهم. قال: فأبى عبد الله بن الزبير أن يجيب الحصين بن نمير إلى ذلك.
قال: فرحل الحصين إلى الشام بعسكره ذلك، وانصرف أهل البصرة إلى البصرة، وبها يومئذ عبيد الله بن زياد، ثم أرسل إليهم فدعاهم ثم قال: يا أعداء الله! أخرجتم من البصرة لنصرة عبد الله بن الزبير لتعينوه على أمير المؤمنين يزيد بن معاوية؟ قال فقالوا له: أيها الأمير! إنا ما خرجنا إلى مكة لنعين عبد الله بن الزبير على يزيد، وإنما خرجنا لننصر البيت الحرام من أهل الشام، وأما يزيد فقد مضى لسبيله ولعله قد بلغك ذلك! قال: وكان الخبر وقع إلى عبيد الله بن زياد بأن يزيد قد