عبيد الله بن زياد حتى يلحقوه بالشام. قال: فخرج عبيد الله بن زياد في جوف الليل مع جماعة من خاصته وغلمانه وحشمه ومعه هؤلاء الثلاثون رجلا، فساروا حتى أصبحوا على مرحلتين من البصرة، واستقام لهم الطريق فساروا وجعل عبيد الله بن زياد - لعنه الله - يفكر في أمره، فقال له بعض من كان معه (1): أيها الأمير! إني أراك مفكرا وكأن قد علمت فيما تفكر. فقال عبيد الله بن زياد: وما ذلك؟ فقال: إن فكرت فقلت يا ليتني لم أقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وليتني لم أبن داري البيضاء والحمراء (2) وليتني لم أستعمل الدهاقين على كور البصرة (3)! فقال ابن زياد - لعنه الله -: لا والله ما أصبت! أما الحسين بن علي - رحمه الله - فإنه صار إلى أهل العراق يريد قتلي فاخترت أن أقتله، وأما داري الحمراء والبيضاء فإني أنفقت عليهما مالي الذي وصلني به يزيد (4)، وأما الدهاقين فإني استعملتهم برضاء أهل البصرة، ولكنني كنت أفكر يا ليتني كنت قتلت أولئك القوم الذين قدموا من عند عبد الله بن الزبير، فإني أعلم أنهم هم فراعنة أهل البصرة، وسيكون لهم نبأ (5).
وبلغ ذلك أهل البصرة أن مسعود بن عمرو الأزدي هو الذي أجار عبيد الله بن زياد، فجاؤوا إليه ودخلوا عليه فقتلوه في جوف الليل ونبهوا ماله (6).
قال: وسار عبيد الله بن زياد - لعنه الله - حتى صار إلى الشام، وبلغ ذلك سلم (7) بن زياد وهو يومئذ بخراسان بمدينة مرثي كما ولاه يزيد بن معاوية من قبل، وكان أيضا لا يصدق موت يزيد، غير أنه قعد في منزله وأغلق بابه، واحتجب عن الناس، فبعث إليه شاعره حنظلة بن قيس بن عروة التميمي (8) بهذه الأبيات: