بالحجارة والنيران ويزيد بن معاوية قد مات ومضى إلى سبيله (1)، فقال الحصين:
ويلك! ما تقول؟ فقال: أقول ما تسمع، فقال له: وما كان سبب ذلك؟ فقال: إنه شرب من الليل شرابا كثيرا ثم أصبح مخمورا فذرعه القيء ثم لم يزل كذلك إلى أن مات حتى قذف عشرين طشتا من ذهب فهذه قصته (2). قال الحصين: ويحك! لمن بايع الناس بعده؟ فقال: بايعوا ابنه معاوية بن يزيد، غير أنه خلع نفسه من الخلافة (1)، فقال: ولم ذلك؟ فقال: إذا أخبرك أنه ملك أربعين يوما، فلما كان بعد ذلك سعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم خطب وقال في خطبته: أيها الناس!
إنما أنا لحم ودم، واللحم والدم لا يصبران على نار جهنم، وأنا خالع هذا الأمر، فقلدوا أموركم من أحببتم! فناداه الناس من كل مكان فقالوا: يا أمير المؤمنين!
فاعهد عهدك إلى من أحببت فإنا له سامعون مطيعون! فقال: ما أنا بأمير المؤمنين ولا أعهد إلى أحد، فإن نال خيرا فقد نال منه آل أبي سفيان، وإن كان شرا فلا أحب أن أوردهم الدنيا وأمضي في الآخرة (3)، ثم نزل عن المنبر فصار إلى منزله (4)، فعاش ثلاثة أيام ومات (5)، والناس في الشام في أمر عظيم من الاختلاف.