مات فلم يصدق (1)، فلما خبره هؤلاء القوم بما خبروه علم وتيقن أن يزيد قد مضى لسبيله فاتقى لنفسه من أهل البصرة (2)، فأرسل إلى نفر من خاصة أصحابه فدعاهم ثم استشارهم في أمره، فأشاروا عليه بأن يحبس هؤلاء القوم الذين قدموا من مكة.
قال: فأرسل عبيد الله بن زياد إلى هؤلاء القوم فجمعهم إليه ثم أمر بهم فحبسهم. ثم خرج في جوف الليل في جماعة من خاصته (3) حتى صار إلى دار مسعود بن عمرو الأزدي وهو شيخ الأزد بالبصرة، فاستجار به عبيد الله بن زياد، فأجاره وأجار من كان معه.
قال: وأصبح أهل البصرة فعلموا أن عبيد الله بن زياد قد هرب، فاجتمعوا وراحوا إلى داره البيضاء والحمراء (4) فغاروا عليها، ثم دخلوا إلى أم عبيد الله بن زياد فسلبوها وسلبوا امرأته وحرمه حتى أخذوا مقانعهن من رؤوسهن، قال: واجتمعت الناس إلى الدارين جميعا وأخرجوا كل من كان في حبس عبيد الله بن زياد - لعنه الله -! وجعلوا يطلبونه فلا يقدرون عليه (5).
قال: واتقى عبيد الله بن زياد - لعنه الله - أن يعلم بمكانه، فأقبل على مسعود بن عمرو فقال له: إنك قد أجرتني وأجرت أصحابي هؤلاء، وأنا خائف على نفسي من أهل البصرة وأنا أريد منك أن تتم إحسانك وأن تخلصني كيف شئت وأنى شئت (6)، فقال له مسعود بن عمرو: أفعل ذلك إن شاء الله! فقد كان لأبيك علي حق واجب. قال: ثم دعى بثلاثين (7) رجلا من أصحابه وأمرهم أن يخفروا