كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٣٨
أحببت زيارتك والأخذ بالحظ من رؤيتك ورأيك، فإذا نظرت في كتابي هذا فأقبل إلينا آمنا مطمئنا أرشدك الله أمرك وغفر لك ذنبك (1) - والسلام عليك ورحمة الله و بركاته -.
قال: فلما ورد الكتاب على محمد بن علي أقبل على ابنه جعفر وعبد الله فاستشارهما في ذلك، فقال له ابنه عبد الله: يا أبت! اتق الله في نفسك ولا تصر (2) إليه فإني خائف عليك أن يلحقك بأخيك الحسين ولا يبالي، فقال محمد: يا بني!
ولكني لا أخاف ذلك منه. فقال له ابنه جعفر: يا أبت! إنه قد ألطفك في كتابه إليك ولا أظن أنه كتب إلى أحد من قريش: أرشدك الله أمرك وغفر لك ذنبك، أرجو أن يكف الله شره عنك، فقال محمد بن علي: يا بني! إني توكلت على الله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وكفى بالله وكيلا.
قال: ثم تجهز محمد بن علي وخرج من المدينة وسار حتى قدم على يزيد بن معاوية بالشام، فلما استأذن أذن له وقربه وأدناه وأجلسه معه على سريره، ثم أقبل عليه بوجهه فقال: يا أبا القاسم! أجرنا الله وإياك في أبي (3) عبد الله الحسين بن علي، فو الله لئن كان نفعك فقد نفعني ولئن كان أوجعك فقد أوجعني، ولو كنت أنا المتولي لقتله لما قتلته ولدفعت عنه القتل ولو كان بذهاب ناظري، ولفديته بجميع ما ملكت يدي وإن كان قد ظلمني وقطع رحمي ونازعني حقي، ولكن عبيد الله بن زياد لم يعمل برأيي (4) في ذلك فعجل عليه القتل فقتله، ولن يستدرك ما فات، وبعد فإنه ليس يجب علينا أن نرضى بالدية في حقنا ولكن يجب على أخيك رحمه الله أن ينازعنا حقنا وما قد خصنا الله به دون غيرنا وعزيز علي ما ناله والسلام، فهات الآن ما عندك يا أبا القاسم!
قال: فتكلم محمد بن علي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني قد سمعت كلامك فوصل الله رحمك ورحم حسينا وبارك له فيما صار إليه من ثواب ربه والخلد الدائم الطويل عند الملك الجليل، وقد علمنا أن من نقصك فقد نقصنا، ومن عزاك

(1) بالأصل: دينك.
(2) بالأصل: ولا تصير.
(3) بالأصل: " أبا ".
(3) بالأصل: رأي.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169