قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: هذا حديث قد اتفق أهل العلم على صحة إسناده إلا أن في بعض ألفاظه اختلافا عند نقلته، فمن ذلك أن ابن عيينة قال فيه: عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه: مرضت عام الفتح، انفرد بذلك، عن ابن شهاب، وقد روينا هذا الحديث من طريق معمر ويونس ابن يزيد، وعبد العزيز بن أبي سلمة، ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن أبي عتيق وإبراهيم بن سعد، وكلهم قال فيه:، عن ابن شهاب عام حجة الوداع، كما قال مالك، قال يعقوب ابن شبة، سمعت علي بن المدني، وذكر الحديث فقال: وقال معمر ويونس، وذلك حجة الوداع وقال ابن عيينة عام الفتح، قال: والذين قالوا حجة الوداع أصوب.
قال أبو عمر بن عبد البر، لم أجد ذكر عام الفتح إلا في رواية ابن عيينة، لهذا الحديث، وفي حديث عمر والقاري رجل من الصحابة في هذا الحديث.
رواه عفان بن مسلم، عن وهيب بن جابر، عن عبيد الله بن عثمان بن خثيم، عن عمرو بن القاري، عن أبيه، عن جده عمرو القاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة عام الفتح، فخلف سعدا مريضا، حتى يخرج إلى حنين، فلما قدم من الجعرانة معتمرا، دخل عليه وهو وجع مغلوب، فقال سعد: يا رسول الله إن لي مالا وإني أورث كلالة أفأوصي بمالي كله؟ أو تصدق بمالي كله؟ قال: لا، وذكر الحديث هذا في حديث عمرو القاري أفأوصي على الثلث أيضا.
وأما حديث ابن شهاب، فلم يختلف عنه أصحابه لا ابن عيينة ولا غيره أنه قال فيه: أفأتصدق بمالي كله؟ أو بثلثي مالي؟ ولم يقل: أفأوصي.
قال أبو عمرو: وأما قول سعد أأخلف بعد أصحابي؟ فمعناه عندي:
أتخلف بمكة بعد أصحابي المهاجرين والمنصرفين معك إلى المدينة، ويحتمل أن يكون لما سع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله، وتنفق فعل مستقبل أنفق أنه لا يموت من مرضه ذلك، فاستفهمه هل يبقى بعد أصحابه؟ فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب من قوله: لن تنفق نفقه تبتغى بها وجه الله، وهو قوله: إنك لن تخلف فتعمل عملا صالحا إلا ازددت به رفعة ودرجة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون، وهذا كله ليس